منتدى هديل الحمام
اهلا وسهلا بك فى منتداك يسعدنا تواجدك معانا ونتمنى ان تساهم بصدقة جارية
منتدى هديل الحمام
اهلا وسهلا بك فى منتداك يسعدنا تواجدك معانا ونتمنى ان تساهم بصدقة جارية
منتدى هديل الحمام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى هديل الحمام

منتدى هيسعدك
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
من قال سبحان الله وبحمدة غرست لة نخلة فى الجنة
تذكر ان سبحان الله وبحمدة بها يرزق الخلق
من قال سبحان الله وبحمدة فى يوم 100 مرة حطت خطاياة وان كانت مثل زبد البحر
من افضال سبحان الله وبحمدة ان من قالها مئة مرة كتب لة الله 1000 حسنة ( مسلم)
كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمدة سبحان الله العظيم
من افضال قولك سبحان الله وبحمدة ان من قالها حط الله عنة سيئة وكتب لة حسنة ورفع لة درجة
وفى صحيح مسلم ان من قال سبحان الله وبحمدة حين يصبح وحين يمسى 100 مرة لم يات احد يوم القيامة بافضل مما جاء بة إلا رجل قال مثل ذلك او اكثر

 

 اضواء على المستشرقين المعاصرين وموقفهم من الاسلام الجزء الاول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد الزهرى
Admin
احمد الزهرى


عدد المساهمات : 227
نقاط : 19140
تاريخ التسجيل : 31/03/2014
العمر : 34

اضواء على المستشرقين المعاصرين وموقفهم من الاسلام الجزء الاول Empty
مُساهمةموضوع: اضواء على المستشرقين المعاصرين وموقفهم من الاسلام الجزء الاول   اضواء على المستشرقين المعاصرين وموقفهم من الاسلام الجزء الاول Emptyالأربعاء مايو 07, 2014 2:35 pm

دكتور عبد الباسط حسن محمد


بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 ) قال - تعالى - :
{ قُلْ يَاأَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إَلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئَاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضَاً أَرْبَابَاً مِنْ دُونِ اللهِ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُون }
( سورة آل عمران : 64 )
( 2 ) ، وقال - عز ذكره - : -
{ يَاأَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُم رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرَاً مِمَّا كُنْتُم تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٌ ، قَدْ جَاءَكُم مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللهُ مَن اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
( سورة المائدة : 15 ، 16 )
إهـــداء
إلى سيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إلى كل مسلم غيور على دينه .
أهدي لهم هذا . . . .
راجياً منهم الدعاء بأن ينصرنا - جل جلاله - ويُعِزَّنَا بِعِزَّةِ الإسلام ويمنحنا بنعمة الأمن والأمان . . . . آمين
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه . . . وبعد : -
فإن مما لا ريب فيه أن الإستشراق له أثر فعّال في العالم المعاصر ، شرقاً وغرباً ، مسلما أو غير مسلم ، وإن اختلفت ردود الأفعال على كليهما ، ففي الغرب لم يعد في وسع أحد أن يكتب عن الشرق أو حتى يفكر فيه أو يمارس فعلا مرتبطا به دون أن يتخلص من القيود التي فُرضت من الإستشراق على حرية الفكر أو الفعل في هذا المجال .
سبب اختيار البحث : -
حيث في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر لا يكاد يجد المرء مجلة أو صحيفة أو بحثاً إلا وفيها ذكر أو إشارة إلى شيء من الإستشراق أو يمت إليه بصلة قريبة أو بعيدة .
وهذا أمر ليس بمستغرب ، ذلك لأن الإستشراق في حقيقة الأمر كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من قضية الصراع الحضاري بين العالم المعاصر ، بل يمكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك ونقول : -
إن الإستشراق يمثل الخلفية الفكرية لهذا الصراع ، ولهذا فلا يجوز التقليل من شأنه ، بالنظر إليه على أنه قضية منفصلة عن باقي دوائر هذا الصراع الحضاري ، فقد كان وبلا أدنى ريب أكبر الأثر في صياغة التصورات الأوربية عن الإسلام ، وتشكيل مواقف الغرب إزاء الإسلام على مدى قرون عديدة . وعلى حد تعبير "إدوارد سعيد" : لا يزال الأوربيون حتى اليوم يستقون معلوماتهم عن الإسلام من كتابات المختصين في هذا المجال من الأوربيين ، وهؤلاء هم بطبيعة الحال من طبقة المستشرقين ، هذا فضلاً عما يكتبه بعض الأدباء أو الفلاسفة الأوربيين . . . ولكن كتابة هذا الطريق الأخير لا تخرج في الغالب عن كونها مبنية على كتابات المستشرقين ( ) .
لذا أقول : إن آثار الإستشراق وانتاج المستشرقين لا يزال يحتل الكثير من مواقعنا الثقافية ، وسوف لا يفيدنا في المواجهة موقف الرفض والإدانة أو الهروب من المشكلة ، لهذا وذاك : كان هذا البحث الموجز ، فهو لا يقتصر على تشخيص العلّة ورصد آثارها فقط ، وإنما متجاوزاً أحياناً تحديد أهم الأسباب ، والتي أوجدتها ، ومن ثم قمت بوصف العلاج وبيان الخطة التي لا مناص من التزامها في معركتنا اليوم ، الفكرية منها وغير ذلك ، والتي تستهدف وجودنا حيث نكون أو لا .
خطــة البحــث : -
قسمتها إلى ثلاث مباحث وخاتمة : -
المبحث الأول : نشأة الإستشراق وتعريفه وأهدافه .
ويضم المطالب التالية :
المطلب الأول : نشأة الإستشراق .
المطلب الثاني : تعريف الإستشراق .
المطلب الثالث : أهداف المستشرقين .
أما المبحث الثاني فعنونته : أهم طوائف المستشرقين ومنهجهم في الدراسة للإسلام .
ويشتمل على : -
المطلب الأول : أهم طوائف المستشرقين .
المطلب الثاني : منهج المستشرقين في الدراسة للإسلام .
أما المبحث الثالث فعنوانه :
موقفنا تجاه الإستشراق .
ويشتمل على : -
أولا : التمهيد : وذكرت فيه مدى خطر الفكر الإستشراقي على الإسلام .
ثانيا : أهم الأساليب المرجوة لنصل إلى أهدافنا اليوم . ونضم النقاط الآتية :
1 - موسوعة الرد على المستشرقين .
2 - مؤسسة إسلامية علمية عالمية .
3 - دائرة معارف إسلامية جديدة .
4 - جهاز عالمي للدعوة الإسلامية .
5 - ترجمة إسلامية لمعاني القرآن الكريم .
6 - تنقية التراث الإسلامي .
7 - الحضور الإسلامي في الغرب .
8 - حوار المستشرقين المعتدلين .
9 - دار نشر إسلامية عالمية .
وبعد . . . . .
فهذه بعض المقترحات التي يمكن أن يكون لها أثرها في مواجهة الاتجاهات اسللبية المعادية للإسلام في الحركة الإستشراقية ، ولست أدّعي أنني أحطت بكل الجوانب ووضعت كل الحلول لسد الثغرات ، لأن ما قلته ليس هو نهاية المطاف ، وإنما هو جهد الـمُقِل الذي يعرف حدوده ، والمهم في هذا هو توفر إرادة التنفيذ لدى الجهات الإسلامية المعنية ، وتوفر الرغبة في العمل لدى علماء المسلمين اليوم ، وقبل ذلك كله ، لابد من توفر الإدراك الواعي للمشكلة وما لها من أبعاد مختلفة ، فمثل هذا الإدراك هو البداية الصحيحة نحو الاتجاه السليم لمواجهة مشكلاتنا الإسلامية المعاصرة .
والله - عز وجل - من وراء القصد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
التماس ورجاء
يلتمس العبد الضعيف من كل أخ مسلم المتخصص وغير المتخصص قرأ هذا الكتاب أن يدعوالله –عز وجل - لكل الأمة الإسلامية أن يجبر كسرها ويعفو عن زللها وخطئها ويرع رايتها ويعزها بعزة إسلامها ، وأن يجعل ما كتبته حجة لي لا عليَّ ، وفي ميزان حسناتي ومن المقبولين ، في { يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } سورة الشعراء ( 55 ) .
المبحث الأول
نشأة الإستشراق وتعريفه وأهدافه
المطلب الأول
نشأة الإستشراق :
بادئ ذي بدء ، وقبل أن أتعرض لأكاذيب المستشرقين حول الإسلام يجدر بنا أن نذكر لمحة تاريخية عن الاستشراق فنقول :
إن الإستشراق ظاهرة ليست وليدة العصر الحديث ، وإنما هي عملية قديمة عرفتها الحياة الثقافية منذ عهد بعيد فقد تركت الحروب الصليبية في نفوس الأوربيين ما تركت من آثار عميقة . . . . ومن هنا اتجهوا إلى الدراسات العبرية . وهذه أدت بهم إلى الدراسات العربية الإسلامية لأن الأخيرة كانت ضرورية لفهم الأولى وخاصة ما كان منها متعلقا بالجانب اللغوي . ( )
وبمرور الزمن اتسع نطاق الدراسات الشرقية حتى شطت أديانا ولغات وثقافات غير الإسلام ( ) .
وذهب فريق آخر إلى أنه بدأ في القرن الثالث عشر الميلادي حين أمر الفونس العاشر ملك قشتالة - الملقب بالحكيم 1252 - 1284 بإنشاء معهد للدراسات العليا في مرسيليا 1269 واختار له أعلام المسلمين والنصارى واليهود وعلى رأسهم أبو بكر الرقوطي وعهد إليهم بالترجمة والتصفيف ، وكان يشرف بنفسه على التوجيه والتحرير والتخصص ( ) .
ويبدو أن هذه الآراء منقولة عن آراء المستشرقين أنفسهم نقلها عنهم تلاميذهم الذين تعلموا في مدارس الغرب أو في مدارس العالم الإسلامي الخاضعة للمنهج الاستشراقي ، والذي يؤيده الواقع التاريخي خلاف ذلك إذ يؤكد أن الاستشراق بدأ في القرن الثامن عشر الميلادي الثاني عشر الهجري باتفاق أهل الكتاب الشرقيين والغربيين على اسواء في آن واحد بقيادة يوحنا وبيدا ، ولكنه كان في الغرب أكثر فاعلية حيث أقبل أهل أسبانيا على تلقي علوم المسلمين بفهم شديد بغية معرفة أسرار قوة المسلمين وأسباب ازدهارهم وحضارتهم التي بهرت العالم أجمع والتي كانت معهم أينما حصلوا في حين كانت أوروبا في عصورها المظلمة بل ان القراءة والكتابة خلت في أوروبا إلا فيما بين القسيسين والرهبان ، فكان بهذه الحضارة الأثر الفعال حتى أنه وفد الشرق والغرب وعنوا بتفاصيلها تفسيراً واقتباساً وتصنيفاً واختلفوا إلى مجامعهم كمجامع اليوم للجدل والمناظرة ( ) .
ويضيف أستاذنا الدكتور/ محمد دياب فيقول :
ومن الفاتيكان بدأ الاستشراق أكثر ما يكون تنظيما وانتشارا واستمرارا عن طريق بابوات وأساقفة ورهبان ، واصطناع نفوذهم في سبيله لدى الملوك والأمراء والبلديات والإفادة منه في الرج على البروتستانتية بعد انفصالها عنهم مما جعله لغايات متنوعة متعددة في أرجاء واسعة وكان رجال الدين ومرجعهم الفاتيكان يومئذ - يؤلفون الطبعة المتعلمة في أوربا ولا سبيل لهم إلا إرساء نهضتها على أساس من التراث الإنساني الذي تمثله الثقافة العربية فتعلموا العربية ثم اليونانية ثم اللغات الشرقية لتخريج أهل جدل يقارعون فقهاء المسلمين واليهود ويردون عليهم ببراهين من كتبهم أنفسهم في البلاد التي أجلاهم الإسلام عنها وبلغ أوروبا منها .
قصد الفرنسسكانيون المغرب حيث قتل منهم خمسة 1220 وانطلق الدومينكيون 1252 إلى بلغاريا ورومانيا والشرق ( ) .
ومن ثم نجد أنه ليس هناك اتفاق على فترة زمنية معينة لبداية ونشأة الاستشراق وإن كان البعض يقول بأن البدايات الأولى للاستشراق ترجع إلى مطلع القرن الحادي عشر الميلادي ، بينما يرى البعض الآخر أن بدايات الدراسات الإسلامية والعربية في أوروبا تعود للقرن الثاني عشر الذي تمت فيه لأول مرة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية ، كما ظهر أيضا في القرن نفسه الأول قاموس لاتيني عربي ( ) .
وهناك من الباحثين من يجعل بداية الاستشراق قبل ذلك بقرنين - أي في القرن العاشر الميلادي ، وليس المهم هنا متى ظهر مفهوم الإستشراق وإنما المهم متى بدأت الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا ومتى بدأ الاشتغال بالإسلام والحضارة الإسلامية بالقبول أو بالرفض ، وعلى أية حال فإن الدافع بهذه البدايات المبكرة للإستشراق كان يتمثل في ذلك الصراع الذي دار بين العالمين الإسلامي والنصراني في الأندلس وصقلية ، كما دفعت الحروب الصليبية بصفة خاصة إلى إشتغال الأوربيين بتعاليم الإسلام وحضارته .
ومن هنا يمكننا القول بأن تاريخ الإستشراق في مراحله الأولى يرجع إلى تاريخ الصراع بين العالم النصراني الغربي في القرون الوسطى والشرق الإسلامي .
فقد كان اسلام كما يقول "ساذرن" يمثل مشكلة بعيدة المدى بالنسبة للعالم النصراني في أوروبا على كافة المستويات فباعتباره مشكلة عملية واستدعى الأمر اتخاذ إجراءات معينة كالصليبية والدعوة إلى النصرانية والتبادل التجاري وباعتباره مشكلة لاهوتية تطلب بإلحاح العديد من الإجابات على العديد من الأسئلة في هذا الصدد ( ) .
وهكذا يتضح لنا أن الإستشراق من حيث الرؤية العامة النظرية والنشأة ، يفترض فيه رؤية موضوعية لتاريخ العلاقة التاريخية القديمة ، والوسيطة ، والحديثة بين الشرق والغرب من أجل التواصل الحضاري ، والروحي وبين أبناء شعوب حضارات ضاربة في القدم مختلفة جغرافيا أو متباعدة تاريخيا ، ضرورة استمرار الوجود الحضاري ، وإقامة جسر ثقافي للتبادل المعرفي وهو مبدأ عرفته البشرية كوسيلة فعالة لإحياء حوار الحضارات ، وفي ذلك كله ما يعين على الخروج من الأزمات الحضارية التي كثيرا ما تتعقد وتتشابك علاقاتها : وي ذلك خير للشرق والغرب والتواصل الحضاري بين الشعوب .
لكن واقع الاستشراق من حيث منظره التاريخي هو كما وصفه البعض : أسلوب غربي للسيطرة على الشرق وامتلاك السيادة عليه . . وبأن الاستشراق قد شكل الحضارة الشرقية في كوكبة من الأفكار الشرقية ، كالاضطهاد ، والأبهة الشرقية ، القسوة الشرقية والحواسية الشرقية ( ) .
المطلب الثاني
التعريف بالاستشراق :
الواقع أن كلمة شرق لا يخضع مفهومها لعامل جغرافي إقليمي وإنما المعول عليه هو حضارة الشرق بما تدين به من دين امتاز على غيره في كل شيء . وذلك لأن الشرق له حضارته وأن الطابع المتميز الخاص والتي تختلف عن ألوان الحضارات الأخرى ، فمن يرحل بين الدول العربية والإسلامية ودول الشرق الأقصى ودول جنوب شرق آسيا ، يجد تقاربا كبيرا بين المجموعات البشرية الكثيرة التي تعيش في هذه الأرض الشاسعة ، خاصة بعد أن بدأت الفتوحات الإسلامية وحمل العرب المسلمون الحضارة الزاهدة التي جاء بها الدين الإسلامي إلى البلاد المفتوحة ، واتصلت الحضارة الإسلامية بالحضارات العالمية الموجودة ، ولعبت اللغة العربية دوراً كبيراً في مزج الحضارات والعناصر المتنافرة في الأقطار المفتوحة وأدى انتشار الإسلام أيضا إلى امتزاج واندماج العرب بالعناصر المختلفة التي كانت تسكن هذه الأقطار ، وأعطاها ما تحتاجه من المثل العليا : وأصبحت الحضارة الإسلامية تسود معظم أرجاء العالم القديم طوال قرون كثيرة ، فقد امتدت في أواسط آسيا وشمال أفريقيا وجنوب غرب أوروبا وجميع جزر البحر المتوسط ، مما أدى إلى وحدة حضارية عالمية فتحت هذه الأراضي الشاسعة ، وأعطتها لونا حضاريا متجانسا ثم تقلص ذلك شيئاً فشيئاً بفعل التدخل الأجنبي الحاقد على هذه الحضارة وأهلها ومن ثم اتجهت أنظار فريق من هؤلاء إلى الشرق بحضارته هذه واهتموا بالدراسات الشرقية ( ) .
فكان لابد لمن يقوم بهذا العمل أن تتوافر فيه شروط العالم المتخصص المتعمق حتى ينتج ويفيد البشرية والحضارة الغربية بإنتاجه العلمي وكان ايضا لابد أن يتمي هذا العالم إلى الغرب ، ولو كان هذا العالم يابانيا أو هنديا لما استحق أو يوصف بالمستشرقين ، لأنه شرقي بحكم مولده وبيئته ، وقد تكون الدراسات التي يقوم بها المستشرق تاريخا أو فلسفة أو آثارا أو اقتصاداً وغير ذلك . لكنها ترتبط بالشرق ( ) .
وليس من الضروري أن يرحل هذا المستشرق إلى الشرق ليعيش فيه أو ليتطبع بطابعه فقد يقوم بدراسته في جامعات الغرب أو في وطنه وليس من الضروري أن يعتنق هذا المستشرق الإسلام أو أحد المذاهب السائدة في الشرق ، وهكذا يتضح أن الاستشراق هو اشتغال غير الشرقيين بدراسة علوم الشرق ولغاته وحضارته وفلسفته وآبابه وأديانه .
والمستشرقون اسم واسع يشمل طوائف متعددة غير عربية تعمل في ميادين الدراسات ( ) . الشرقية المختلفة فهم يدرسون العلوم والآداب الخاصة بالهند والفرس وغيرها من أمم الشرق وأهم ما اعتنى به المستشرقون في دراستهم هو الدين الإسلامي واللغة العربية لأن ذلك هو الذي كان مسار اهتمام المستشرقين الأُول ، والذي يمثل النزاع الفكري والعقدي والسياسي بين الإسلام وأهل الذمة ، ولذلك نرى هذه التعريفات تنطبق على الاستشراق بعد أن أصبح علما قائما بذاته وأقيمت له الدراسات الخاصة به وبمنهجه الذي سار عليه إلى يومنا هذا .
لذلك كان التعريف الصحيح للاستشراق هو :
اشتغال أهل الذمة . يهوداً أو نصارى بدراسة علوم الشرق الإسلامي وقد بدأ متزامنا . بتعاون بين مسيحي الشرق ومسيحي الغرب في القرن الثامن الميلادي ( ) .
يقول المستشار عزت الطهطاوي عن المستشرقين :
انهم طوائف وأصناف من دول وأجناس مختلفة تعمل في ميادين الدراسات الشرقية من علوم وآداب خاصة بالعالم الإسلامي لكن غلب إطلاق هذا اللفظ على المسيحيين أو النصارى الذين أرادوا أن يتثقفوا في الدراسات الإسلامية واللغة العربية وليس فقط بقصد التثقيف أو التعليم ، وإنما الهدف الأساسي هو تشكيك المسلمين في دينهم فأخذوا في هذه الدراسات يعملون بمقصدين أو هدفين ، حتى إنك لا تجد لهم بحثا حول القرآن الكريم مثلا إلا وتجد فيه إيهاماً وتشكيكاً وإن لم يسعفهم اللفظ الذي يفيد التشكيك قالوا عبارات عائمة موهمة لكل ما يثير الشك ( ) .
المطلب الثالث
أهداف المستشرقين :
ليس هناك شك في أن الانتشار السريع للإسلام في الشرق والغرب قد لفت أنظار رجال اللاهوت المسيحي إلى هذا الدين ومن هنا بدأت عنايتهم بالإسلام ودراسته لا من أجل اعتناقه وإنما من أجل حماية إخوانهم النصارى ومن بين المؤلفات في هذا الصدد كتاب ( محاورة مع المسلمين ) وكتاب ( إرشادات النصارى في جدل المسلمين ) ليوحنا الدمشقي ( ) .
ومن هنا كانت الحروب الصليبية يؤكد ذلك المستشار/ عزت الطهطاوي فيقول :
وإذا كانت الحروب الصليبية لم تؤت ثمارها في القضاء على الإسلام وأهله . فإن الغرب ظل يضمر العداوة ويدبر المؤامرات للتشكيك في دين اسلام . ومن هنا اندفعت رغبات المستشرقين الجامحة في الكتابة ضد الإسلام والطعن فيه بروح الغيظ والتشفي ، والنيل من مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم - دون سند من الحقيقة أو الواقع ، فنشر الأوربيون في القرون الوسطى أن المسلمين يعتقدون في ألوهية محمد لذلك فهم وثنيون ، ولقد ظهرت بعض الأغاني كأغنية ( رولات ) تصور بأنهم يعبدون مجموعة من الآلهة ، هي ماهولت أي محمد أبوليق وترافاجس ، وأن لهذه الآلهة تماثيل مصنوعة من الذهب والفضة خصوصا بالنسبة لمحمد ، ويعنون باسم أبوليق ( الله ) وبترافاجس ( القرآن ) ( ) .
هكذا سولت لهم أنفسهم الخبيثة أن يطعنوا في دين الإسلام ونبي الإسلام فيصفوه بأنه دين وثني ، وأنه يدعو إلى الوثنية وهو الذي أعلن منذ اللحظة الأولى للدعوة حربا سواء على الوثنية والوثنيين ، وحينما عرض أهل مكة على انبي - صلى الله عليه وسلم - حلاً وسطاً بأن يعبد آلهتهم يوما ويعبدون إلهه يوماً ، تصدى القرآن لهذا الأمر بكل قوة وعزم .
فقال تعالى : { قُلْ يا أَيُّهَا الكَافِرُون لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتّم وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُم دِينُكُم وَلِيَ دِين } ( ) .
وقد ظل النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة قرابة ثلاثة عشر عاما أو أكثر يدعو الناس إلى عبادة الله - عز وجل - وحده وتحمّل هو ومن اتبعه في تلك الفترة صنوفاً من ألوان التعذيب والإيذاء ما لا تزحزحه الأعاصير ، ولم تلن له قناة في الدعوة إلى عبادة الله وحده ، وجاءت عبارته المشهورة التي قالها لعمه أبو طالب حينما شعر بأنه تخاذل عن نصرته أمام صناديد الكفر والشرك قائلاً : "والله ياعمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهِرهُ الله أو أَهْلك دونه" ( ) .
يقول الدكتور / زقزوق :
فهل تعد هذه المواقف للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولصحبه الكرام الذين صمدوا أمام جحافل الشرك والطغيان في القضاء على الوثنية والوثنيين مدعاة لمن يتهم الإسلام ونبيه بالدعوة إلى الوثنية ، ولكنه الحقد والكراهية التي أعمت قلوبهم وصمت آذانهم ، فجعلتهم يرهفون بما لا يعرفون ويخبطون خبط عشواء من أجل الكيد للإسلام ولنبي الإسلام ( ) .
ويقول الطهطاوي - رحمه الله - "لقد بلغ من حقد هؤلاء الأعداء على الإسلام ونبي الإسلام أن لقنوا أطفالهم ذلك في الأناشيد التي تعلم لصغارهم في المدارس ، وهاك مثلا منها في إحدى الأناشيد الإيطالية : إني ذاهب يا أمي إلى جهاد لمحو القرآن ، وإذا متفق عليه . فلا تحزني عليّ ، وإن سئلت عن السبب في عدم حدادك عليّ فقول وأنت فرحة لقد استشهد في سبيل القضاء على الإسلام ( ) .
وهكذا كانت كتابات المستشرقين عن الإسلام في القرون الوسطى تقطر حقداً وغيظاً ، وذلك بالطعن في الإسلام ونبي الإسلام لدرجة أنهم زعموا فيما زعموا أيضا أن الإسلام قوة خبيثة شريرة ، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس إلا صنما أو إله قبيلة أو شيطان ، وغزت تلك الأساطير الشعبية والخرافات خيال الكتاب اللاتينيين ، ولم يكن الهدف بطبيعة الحال هو عرض صورة موضوعية عن الإسلام .
فقد كان هذا أبعد ما يكون عن أذهان المؤلفين في ذلك الزمان ( ) وفي مقابل تلك الصورة البغيضة للإسلام التي رسمها أولئك الأفّاكين عن الإسلام ونبي الإسلام ، كانت جهود أخرى من بعض المستشرقين تهدف إلى معرفة موضوعية في هذا المجال العلوم العربية مثل الفلسفة والطب والعلوم الطبيعية ، فقد كانت أوروبا حركة لترجمة العلوم العربية إلى اللاتينية تشبه تلك الحركة التي قامت في العالم الإسلامي في عهد المأمون ومن سبقه لترجمة العلوم اليونانية وغيرها إلى العربية ، ولكن هذا الاتصال العلمي العميق بحضارة الإسلام لم يكن له تاثير في تغيير النظرة الغربية للصورة العقيدية أو الإلهية أو التاريخية للإسلام ( ) .
ويمكن القول بصفة عامة بأنه قد كان هناك في هذه الفترة المبكرة للاستشراق اتجاهان مختلفان فيما يتعلق بالأهداف والمواقف إزاء الإسلام .
أما الاتجاه الأول فقد كان اتجاها لاهوتيا متطرفا في جدله العقيم ، نظر إلى الإسلام من خلال ضباب كثيف من الخرافات والأساطير الشعبية ، أما الاتجاه الثاني فقد كان نسبيا بالمقارنة إلى الاتجاه الأول أقرب إلى الموضوعية والعلمية ، ونظر إلى الإسلام بوصفه مهد العلوم الطبيعية والطب والفلسفة ولكن الاتجاه الخرافي ظل حيّا حتى القرن السابع عشر وما بعده ولا يزال هذا الاتجاه للأسف حيّا في العصر الحاضر في كتابات بعض المستشرقين عن الإسلام ونبيه ( ) .
إذن فقد سنحت الفرصة أمام بعض العقلاء من الأوربيين للوقوف في وجه الظلم والإجحاف الذي لقيه الإسلام في الغرب في القرون الوسطى وظهرت بعض المؤلفات العامة المعتدلة عن الإسلام والحضارة الإسلامية ، وحلت محل الآراء التي تبناها اللاهوتيون حتى ذلك الوقت والتي تمثلت في وصف محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه شيطان ، وفي وصف القرآن الكريم بأنه مزيج في اللغو الباطل حل محلها آراء أخرى أقل عنفاً واقرب إلى الاعتدال والإنصاف للإسلام والمسلمين ولكن هذه المحاولات الجادة في التعرف على الإسلام عن قرب وبلا أحكام سابقة لم تستطع أن تقضي تماما على اصورة المشوهة للإسلام في أذهان الأوربيين بصفة عامة .
تلك الصورة التي رسمتها القرون الوسطى في الأذهان : والتي لا تزال آثارها عالقة بالعقول حتى اليوم ( ) .
ولم ينس المستشرقون المرأة المسلمة فوجهوا خطتهم نحوها لإفسادها .
يقول أستاذنا الدكتور/ محمد أحمد دياب نقلا عن الأستاذ/ أنور الجندي :
تناولت خطة الاستشراق نحو المرأة المسلمة ما يلي :
1 - هدم القيم الإسلامية .
2 - فساد الأسرة .
3 - فساد التعليم .
4 - حرب اللغة العربية .
وكانت قضية تحرير المرأة هي من أبرز ما عمل له النفوذ الأجنبي بإزاحة الحجاب وإشاعة روح السفور وخلق طابع الاستهانة بالقيم الأخلاقية ، وذلك أن الإسلام هو الذي فتح للمرأة باب حريتها من غير سفور بعد عصر الظلمات ، ولكن ما كانت تطمع فيه القوى المعادية هو هدم الأسرة وإفساد الأجيال غيمانا بأن هذا هو منطق إفساد المجتمع الإسلامي كله .
وقد تبين بأن في مؤامرة تحرير المرأة حين ينظر غليها الآن بعد أكثر من ثمانين عاما ما يكشف عن سقوطها .
1 - ان مسئولية المرأة الأولى هي بناء الأسرة ورعاية الطفل .
2 - قد تكشف في العالم أجمع وخاصة الغرب أن المرأة كانت ضحية لقوى عاتية تريد هدم المجتمعات وتدميرها .
ولقد حاولت دعوات التغريب أن تفسد الرؤية لدى المرأة المسلمة حين طرحت الكثير من المفاهيم المسمومة في قضايا الإسلام وأخطر قضايا المرأة والتي تناولت ما يلي :
1 - المساواة بين الرجل والمرأة .
2 - مهمة المرأة الحقيقية .
3 - مسئولية الأسرة .
4 - عمل المرأة .
5 - حرية المرأة في عواطفها وجسدها .
فقد اندفعت المرأة المسلمة وراء هذه الأهواء فكُنّ ضحايا للأهواء ولم تتبين حقيقة الموقف إلا بعد أن تحطمت الأسر وحملت المرأة أوزار الخطأ ولو أن المرأة المسلمة استأنست بحقيقة الإسلام الذي أهداه الله إليها وهو العلم بها والرحيم بها لمات هوت في مهاوي الشقاء .
وقد أثبت العالم الحديث أخيراً بعد أربعة عشر قرنا من الزمان صدق ما أخبر به القرآن الكريم .
جاء هذا على لسان أحد الكتاب الغربيين ( الكسيسي كاربل ) صاحب كتاب الإنسان ذلك المجهول .
فقد أكدت الأبحاث أن تركيب المرأة يختلف تماما عن تركيب الرجل من جميع النواحي التشريعية والعقلية والنفسية .
وان المرأة قد خلقت وخلق كيانها على نحو يمكنها من أداء رسالتها التي خلقها الله لها فإذا تجاوزتها اضطرب كيانها النفسي والعصبي كما أكدت الأبحاث أن المساواة بين الرجل والمرأة لا سند له من علم أصيل أو فكر سليم إلا في ناحية العمل والإيمان والحساب .
وأن العالم إذا أراد أن يحل مشاكله فلابد وأن يعود بالمرأة إلى وظيفتها الأولى وهي تربية الأجيال ( ) .
وجملة القول يمكننا حصر أهم أهداف المستشرقين فيما يلي :
أولا : محاربة الإسلام والبحث عن نقاط الضعف وإبرازها ، والزعم بأنه مأخوذ من النصرانية أو اليهودية ، والانتقاص من قيمته والحط من قدر نبيه .
ثانيا : حماية النصارى من خطره بحجب حقائقه عنهم ، وتحذيرهم من خطر الاستسلام لهذا الدين .
ثالثا : التبشير ومحاولة تنصير المسلمين .
رابعا : المؤامرة على المرأة المسلمة .
وهكذا لم يتعرض دين من الأديان في هذا العالم في أي عصر من العصور إلى مثل ما تعرض له الإسلام من جانب خصومه من الاحتقار والتشويه والوصف بكل أوصاف السوء .
المبحث الثاني
أهم طوائف المستشرقين ومنهجهم في دراسة الإسلام اليوم
المطلب الأول
طوائف المستشرقين الباحثين في الإسلام
ينقسم المستشرقون الباحثون في الإسلام إلى عدة طوائف :
1 - طائفة من طلاب الأساطير والغرائب ، والذين افتروا على الإسلام واخترع خيالهم المريض حوله الأقاصيص الكاذبة ، وقد ظهرت هذه الطائفة في بداية الاستشراق .
2 - طائفة من المرتزقة الذين جندوا دراساتهم وبحوثهم في خدمة المصالح الغربية الاقتصادية والسياسية والاستعمارية .
3 - طائفة تعرضت للإسلام باسم البحث العلمي النزيه ، ولكنهم انحرفوا عن جادة الصواب ، فراحوا يلتمسون نقاط الضعف في الإسلام فأخذوا يشككون في صحة الإسلام ، وفي التوحيد الإسلامي . وفي القرآن من حيث مصدره أو نصه ، وفي الحديث وصحته ، وفي قيمة الفقه الإسلامي ، وفي قدرة اللغة العربية على التطور .
4 - طائفة من المستشرقين التزمت في دراستها للإسلام الموضوعية والنزاهة العلمية وأنصفت الإسلام والمسلمين وقد أدى الأمر ببعضهم إلى اعتناق الإسلام ( ) .
***
المطلب الثاني
منهج المستشرقين في دراسة الإسلام
يقول أستاذنا الدكتور/ محمد أحمد دياب :
تكشفت في الآونة الأخيرة حقائق كثيرة حول مخططات الاستشراق في ضرب الإسلام مما يتطلب كشفه أمام من يخدعه الادعاء الكاذب من أن الاستشراق قد طوى أوراقه أو غيّر وجهته .
وإذا كان هناك تغير فهو في الأسلوب وليس في الغاية فالغاية حددها القرآن بقوله : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم } ( ) .
لذا كان المنهج الحقيقي من وراء كتابات المستشرقين هو الرغبة في التجريح وتوهين العقيدة الدينية والشريعة الإسلامية ، وهذا بطبيعة الحال ليس من العلم في شيء .
وإنما هو انحراف عن المنهج العلمي السليم ، وهذا الانحراف العلمي هو طابع الكثير من الدراسات الاستشراقية حول الإسلام ، الأمر الذي يجعلنا نحن المسملمين - نقف من هذه الدراسات موقف الحذر ، ويحتم علينا الكشف عما فيها من زيف وخداع .
فالهدف من منهج المستشرقين في دراسة الإسلام هدم عقيدته بجميع جوانبها وأذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :
أولاً - طعن المستشرقين في القرآن الكريم :
دأب الاستشراق على تصوير القرآن الكريم بأنه فيض وجدان النبي وصورة من انطباع نسي بما كان يدور حوله ويقع أمام عينيه وأن الوحي الإلهي ليس وحيا منزلا من رب العالمين وإنما وحي من داخل النفس وعندما ترجم وليم "موير" بعض معاني سور القرآن أطلق عليها اسم "كلمات وأحاديث منوعة لمحمد" .
أما "جورج سيل" فقد ترجم خطاب القرآن { يا أَيُّهَا النَّاسُ } بعبارة "يا أهل مكة" .
وهو يزعم أن محمداً كان يريد إصلاح بني جلدته وتقدمهم إقتصادياً وسياسياً ولم يقصد إلى مخاطبة البشر كله وتجاهل الآية الكريمة { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً للنَّاسِ بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُون } ( ) .
وزعم جورج سيل أن محمداً لم يك يفكر في توجيه رسالته خارج قبيلته .
يقول "السير وليم موير" أن فكرة عالمية الرسالة قد جاءت فيما بعد ، وأن هذه الفكرة على الرغم من كثرة الآيات والأحاديث التي تؤيدها ، لم يفكر فيها محمد نفسه وعلى فرض أنه فكر فيها فقد كانت الفكرة غامضة فإن عالمه الذي كان يفكر فيه إنما كان بلاد العرب ، كما أن هذا الدين الجديد لم يهيأ إلا لها . وأن محمدا لم يوجه دعوته منذ بعث إلا للعرب دون غيرهم . وهكذا نرى أن نواة عالمية الإسلام قد غرست ولكنها إذا كانت قد اختمرت ونمت بعد ذلك فإنما يرجع هذا إلى الظروف والأحوال أكثر منه إلى الخطط والمناهج ( ) .
ووليم هذا ينكر عالمية الدعوة المحمدية ويرجعها إلى الظروف والأحوال ثم إلى الخطط والمناهج التي أعدها أتباع محمد بعد مماته فقد دافع عن الإسلام في كتابه حياة محمد حيث فند مزاعم "جولدزيهر" ، "وفيل وبول" حول الوحي الإلهي وتفسيرهم له بأنه نوبة من نوبات الصرع التي كانت تنتاب محمداً .
وعقّب على ظاهرة الوحي فنفى ما افتراه الجاهلون على النبي في حالات الصرع المدعاة لأن نوبة الصرع لا تذر عند من تصيبه أي ذكر لما مر به أثناءها ذلك لأنها تعطل حركة الشعور والتفكير فيه تمام العطل ، وقد أيد كل من الأب "هنري لامنس" و "فون هامر" مذهب موير في التفرقة بين حالة الصرع والوحي ( ) .
وهذه كلها مزاعم فاسدة وتخمينات باطلة وافتراضات واهية لا حظّ لها من الواقع ولا سند لها من التاريخ من أجل ذلك تناول الدكتور/ عبد الله دراز جميع الافتراضات التي توحي باحتمال وجود مصدر بشري للقرآن وناقشها مناقشة علمية وأظهر زيفها وبُطلانها ، فقال : "إن جميع سبل البحث التي وقعت تحت أيدينا وناقشناها ثبت ضعفها وعدم قدرتها على تقديم أي احتمال لطريق طبيعي أتاح له "أي النبي صلى الله عليه وسلم " فرصة الاتصال بالحقائق المقدسة" ( ) .
وللرد على هذه المزاعم الفاسدة نقول :
أولاً : ان القرآن الكريم أعمق وأوسع من كل المعلومات التي كانت لدى بحيرى الراهب ، ولدى كل اليهود والنصارى في شتى بقاع العالم .
ثانياً : جاء القرآن الكريم مصدقاً لما نزل على موسى وعيسى عليهما السلام وغيرهما من أنبياء الله عز وجل ، من حيث الكتب التي نزلت بالحق فهي في الأصل وحي من عند الله قال تعالى { وَأَنْزَلْنَا إِلَيكَ الكِتَابَ مُصَدِّقَاً لِمَا بَينَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنَاً عَلَيْهِ } ( ) .
ثالثاً : كما جاء القرآن الكريم مهيمنا على هذه الكتب وحاكما عليها فذكر أن اليهود والنصارى أُوتوا نصيبا من الكتاب ، وأنهم نسوا حظا مما ذُكّروا به وأنهم حرّفوا الكَلِمَ عن مواضعه قال تعالى { فَبِمَا نَقْضِهِم مّيثَاقَهم لَعَنَّاهُم وَجَعَلْنَا قُلُوبهُم قَاسِيةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظَّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَال تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُم فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِين ، وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إَنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُم فَنَسُوا حَظَّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ والبَغْضَاءَ إلى يَومِ القِيَامَةِ وَسَوفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون } ( ) .
رابعاً : وقد بيّن القرآن الكريم كثيراً من القضايا الكبرى التي كانت موضع خِلاف بينهم في العقائد والأحكام والأخبار .
قال تعالى { يَا أهل الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُم رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُم كَثِيرَاً مِمَّا كُنْتُم تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } ( ) .
وهناك العديد من الأمثلة التي تؤيده مخالفة للقرآن لما ورد من أخبار في كل من العهد القديم والجديد ، فهل استقى محمد بعد ذلك كله معلوماته عن القرآن من مصادر يهودية وأخرى نصرانية كما يزعمون؟ .
وهل أخذ ذلك من الرهبان في رحلته التجارية إلى الشام كما يدعون والتي لم تستغرق سوى بضعة أيام .
وهل كان كفار مكة يسكتون لو عرفوا أن محمداً استقى معلوماته من اليهودية أو النصرانية .
فقد زعم المشركون قديما أن الذي علم محمد هو عبد رومي كان يصنع السيوف في مكة وقد حكى القرآن الكريم هذا الزعم ورد عليه بقوله { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُم يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ، لِسَانُ الَّذي يُلْحِدُونَ إليه أَعْجَمِيٌ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبيٌ مُبِينٌ { ( ) .
كما أن هناك الكثير من أخبار القرآن الكريم ما لم يكن يعرفه الكتاب؟ فقد ذكر القرآن بعد قصة زكريا وولادة مريم وكفالته لها قوله تعالى { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ ، وَمَا كُنْتَ لَدَيهِم إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامهُم أَيُّهُم يَكْفُلَ مَرْيَمَ ، وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِم إِذْ يَخْتَصِمُون } ( ) .
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد ذلك كله؟ ونطرحه بدورنا على المستشرقين ما المانع أن يكون القرآن وحيا أصيلاً مأخوذاً من المنبع نفسه الذي أخذت منه الديانات السماوية الصحيحة؟ وما المانع أيضا أن يكون الإسلام هو الحلقة الأخيرة من حلقات الوحي الإلهي الذي أقام الاتصال بين السماء والأرض على مدى تاريخ البشرية الطويل؟ لماذ تحرمون على الإسلام ما تبيحونه لليهودية والنصرانية؟ هل هو التعصب الأعمى الممقوت أم هي الكراهية لهذا الدين الجديد الذي جاء مصححا لما طرأ على الديانات السابقة من أوهام وأباطيل ودعوة الناس إلى الحق والصراط المستقيم .
والذي نخلص إليه من كل ما سبق ، أنه مما لا شك فيه ولا جدال أن القرآن الكريم هو وحي الله عز وجل نزل به الأمين من السماء على الأمين على الأرض قال تعالى { وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ رُوحَاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورَاً نَهْدِي بِهِ مَن نّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِرَاطِ اللهِ الَّذي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأَرْضِ ، أَلاَ إلى اللهِ تَصِيرٌ الأُمُور } ( ) .
فالإسلام ليس دينا تابعاً لأي دين آخر ، ولكنه الدين الذي أراد الله أن يكون خاتماً للأديان .
وفي ذلك يقول الدكتور / حمدي زقزوق "والقياس لهذه الأديان جميعاً لابد أن يكون مقياساً واحداً لأن مصدرها واحد ، ولكن هذا المقياس الذي نعنيه لن يكون بالتأكيد ذلك المقياس الذي يريد أن يطبقه المستشرقون على علاقة الإديان بعضها ببعض وهو مقياس التأثير والتاثر ، كما لو أن الأمر يدور حول شيء إنساني يخضع لهذا المقياس الإنساني" ( ) .
وبناء عليه فإننا نرفض كل الرفض منهج المستشرقين في دراسة الإسلام ، لأنه منهج مصطنع جاء وليد اللاهوت الأوربي ، ولأنه منهج يقصر عن فهم طبيعة الأديان السماوية ويحاول أن يضعها في صعيد واحد مع الاتجاهات الفكرية الإنسانية .
خطورة القرآن الكريم في نظر الغرب :
وإذا كان أهل الشرك قديما خافوا من تأثير القرآن الكريم في أتباعهم فقالوا كما حكى القرآن الكريم ذلك عنهم { لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْآنِ والْغَوا فِيهِ لَعَلَّكم تَغْلِبُون } ( ) . فإن هذه النغمة بدأت تسيطر من جديد على المستشرقين فها هو بلاشير يول : "قلما وجدنا بين الكتب الدينية الشرقية كتبا بلبل بقرائته رأينا الفكري أكثر مما فعله القرآن" ( ) . لذلك فهم يوحون إلى أوليائهم أن القرآن كتاب خطير للغاية : لأنه اشتمل على مبادئ تقيم الدنيا ولا تقعد بها وإذا تحقق فهمها وتطبيقها ساد أهله العالم كله وتحكموا في مصيره .
ومن ثم يتبين ذلك المجهود الذي يبذله المستعمرون في أن يبقى القرآن مجهولا وأن تظل مبادئه مهجورة بعيدة عن التنفيذ ( ) .
ومن هنا نعرف سبب هلع الغرب وفزعه حينما يشعر بوجود تيار إسلامي في أي مكان في العالم الإسلامي أو ما يُعرف الآن بالصحوة الإسلامية - التي تعني لو أُحسن ترشيدها - عودة إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وتقوم وسائل الإعلام في الشرق والغرب ، بتصوير الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي بالتطرف والتشدد والجمود والرجعية ، ويعمل الغرب والشرق مجتمعين على ألاّ تقوم للإسلام قائمة ، وهذا هدف لا خلاف عليه بين المعسكرين الغربي والشرقي ، ولكن المسلمين للأسف الشديد لا يدركون ذلك .
ومن هنا تتجه الجهود إلى تحويل أفكار المسلمين - إلى أن طريق الخلاص هو في اتباع الغرب العلماني ، ولهذا تنطلق الدعوة من جانب بعض المستشرقين إلى إصلاح الإسلام . فالإسلام في زعمهم دين جامد لم يعد يساير روح العصر من أجل ذلك فهو في حاجة إلى إصلاح جذري ، وفي ذلك يقول "كراج" رئيس تحرير مجلة العالم الإسلامي "إن على الإسلام إما أن يعتمد تغييرا جذريا فيه أو أن يتخلى عن مسايرة الحياة" ( ) .
ولكن ما هو الإصلاح الذي يبغيه هذا المستشرق العبقري؟ . يكون الإصلاح المزعوم على محاولة تغيير وجه نظر المسلم عن الإسلام ، وجعل الإسلام أقرب إلى النصرانية بقدر الأمكان .
إن الدعوة إلى إصلاح الإسلام أو تحديثه كما يقال أحيانا إنما هي عبارة عن تفريغ الإسلام عن مضمونه ، وعزله كلية عن تنظيم أمور المجتمع وجعله مجرد تعاليم خلقية شأنه في ذلك شأن الديانة النصرانية وقد قام الاستعمار بالتخطيط المدرسي لإضعاف العالم الإسلامي منذ زمن بعيد فمنع أي محاولة لجمع شمل المسلمين مرة أخرى ( فقد جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني - أورمس غو - لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير سنة 1938م "ان الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الامبراطورية تحذره وتحاربه وليس الإمبراطورية وحدها ، بل فرنسا أيضا ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة ، وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة ، إن سياستنا الموالية للعرب في الحرب العظمى "يعني الأولى" لم تكن مجرد نتائج لمتطلبات "تكتيكية" ضد القوات التركية ، بل كانت مخططة أيضا لفصل السيطرة عن المدينتين المقدستين مكة والمدينة عن الخلافة العثمانية التي كانت قائمة آنذاك ، ولسعادتنا فإن كمال أتاتورك لم يضع تركيا في مسار قومي علماني فقط ، بل أدخل إصلاحات بعيدة الأثر ، أدت بالفعل إلى نقض معالم تركيا الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7788.forumegypt.net
 
اضواء على المستشرقين المعاصرين وموقفهم من الاسلام الجزء الاول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اضواء على المستشرقين المعاصرين وموقفهم من الاسلام الجزء الثانى
» اضواء على المستشرقين المعاصرين وموقفهم من الاسلام الجزء الاخير
» الاسلام ظلم المرأة الجزء الثانى
» للالبانى شريط مفرغ الجزء الاول
» ختـــان البنــات الجزء الاول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى هديل الحمام :: منتدى الكتب وتفريغ المحاضرات-
انتقل الى: