منتدى هديل الحمام
اهلا وسهلا بك فى منتداك يسعدنا تواجدك معانا ونتمنى ان تساهم بصدقة جارية
منتدى هديل الحمام
اهلا وسهلا بك فى منتداك يسعدنا تواجدك معانا ونتمنى ان تساهم بصدقة جارية
منتدى هديل الحمام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى هديل الحمام

منتدى هيسعدك
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
من قال سبحان الله وبحمدة غرست لة نخلة فى الجنة
تذكر ان سبحان الله وبحمدة بها يرزق الخلق
من قال سبحان الله وبحمدة فى يوم 100 مرة حطت خطاياة وان كانت مثل زبد البحر
من افضال سبحان الله وبحمدة ان من قالها مئة مرة كتب لة الله 1000 حسنة ( مسلم)
كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمدة سبحان الله العظيم
من افضال قولك سبحان الله وبحمدة ان من قالها حط الله عنة سيئة وكتب لة حسنة ورفع لة درجة
وفى صحيح مسلم ان من قال سبحان الله وبحمدة حين يصبح وحين يمسى 100 مرة لم يات احد يوم القيامة بافضل مما جاء بة إلا رجل قال مثل ذلك او اكثر

 

 القيام للقادم للشيخ المقدم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد الزهرى
Admin
احمد الزهرى


عدد المساهمات : 227
نقاط : 19215
تاريخ التسجيل : 31/03/2014
العمر : 34

القيام للقادم للشيخ المقدم Empty
مُساهمةموضوع: القيام للقادم للشيخ المقدم   القيام للقادم للشيخ المقدم Emptyالأربعاء مايو 07, 2014 5:45 pm


حكم القيام للقادم

قال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11]، في هذا الموضع من كتب التفسير يذكر العلماء أموراً مهمة من الآداب الشرعية، فعامة العلماء المفسرين حينما يصلون إلى هذا الموضع في سورة المجادلة يذكرون الأمور الشرعية المتعلقة بآداب المجلس. قوله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11]. وهنا مسألة من أحكام القرآن، وهي: حكم القيام للقادم، فهل يشرع إذا دخل عليك إنسان -لاسيما إذا كان كبير السن أو من أهل العلم والمنزلة والفضل- أن تقوم له على سبيل الإكرام والتعظيم؟ اختلف العلماء في ذلك خلافاًَ كبيراً، ومن أشهر من ألف في هذه المسألة شيخ الإسلام الإمام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي، والأفضل ألا نقول: محيي الدين ؛ لأنه كان يكره ذلك، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية كان يكره أن يلقب بـتقي الدين ، لكن جرت عادة اللسان بذلك، فـالنووي قال: لا أجعل في حل من لقبني محيي الدين، واسم كتابه (الترخيص في القيام لذوي المزية والفضل من أهل الإسلام) وهذا الكتاب للإمام النووي ، ونعرض الأدلة التي اعتمد عليها في هذه المسألة باختصار إن شاء الله: ......

فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في حكم القيام للقادم

نختم الكلام بفتيا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في القضية؛ فإنه رحمه الله تعالى سئل عن النهوض والقيام الذي يعتاده الناس من الإكرام عند قدوم شخص معين معتبر هل يجوز أم لا؟ وإذا كان يغلب على ظن المتقاعد عن ذلك أن القادم يخجل أو يتأذى باطناً، وربما أدى ذلك إلى بغضٍ وعداوة ومقت، وأيضاً المصادفات في المحافل وغيرها، وتحريك الرقاب إلى جهة الأرض والانخفاض، هل يجوز ذلك أم يحرم... إلى آخر السؤال؟ يقول رحمه الله: الحمد لله رب العالمين، لم تكن عادة السلف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما يرونه عليه السلام، كما يفعله كثير من الناس، بل قد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (لم يكن شخص أحب إليهم من النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له؛ لما يعلمون من كراهته لذلك)، لكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقياً له. أي: إذا قدم مسافر -مثلاً- فيمكن أن تقوم لتحييه أو تلتزمه وتسلم عليه، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام لـعكرمة ، وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ : (قوموا إلى سيدكم)، وكان قد قدم ليحكم في بني قريظة؛ لأنهم نزلوا على حكمه. يقول شيخ الإسلام : والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يعدل أحدٌ عن هدي خير الورى وهدي خير القرون إلى ما هو دونه، وينبغي للمطاع ألا يقر ذلك مع أصحابه؛ بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد. وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسن، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم يعلم العادة الموافقة للسنة؛ فالأصلح أن يقام له؛ لأن ذلك أصلح لذات البين، وإزالة للتباغض والشحناء، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس في ترك ذلك إيذاء له. يعني: من كان يعلم أن هؤلاء الناس إذا دخل عليهم قادم لا يقومون؛ لأنهم سنيون سلفيون، ولأنهم يعلمون الحديث، ويقصدون بذلك معنىً شرعياً، وهو: الاقتداء بالسلف وبالصحابة بفعلهم، وهو يعلم أنهم يفعلون ذلك تديناً؛ فلا يجوز له أن يكره ذلك منهم، ولكن كلام شيخ الإسلام فيمن إذا دخل ولم تقم له، وهو لا يعلم هذا الحكم، ولا يعلم هذه الأحاديث، ولا يعلم أنهم يتدينون بذلك، بل يرى هذا تنقص، وأنهم لا يحترمونه؛ فأجاز شيخ الإسلام حينئذ القيام إذا كان في تركه فسادٌ لذات البين. يقول شيخ الإسلام : وليس هذا القيام المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)؛ فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد. هذا تأويل شيخ الإسلام لهذا الحديث، يعني: أن يكون جالساً وهم يقفون على رأسه، وليس المراد أن يقوموا لمجيئه إذا جاء، ولهذا فرقوا بين أن يقال: قمت إليه، وقمت له، فالقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد. وقد ثبت في صحيح مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم قاعداً في مرضه صلوا قياماً فأمرهم بالقعود، وقال: لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضها بعضاً)، فنهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد، وإن كان هذا الحكم نسخ فيما بعد، وقال: (لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضها بعضاً)؛ لأنه كان جالساً وهم كانوا قائمين، فنهاهم عن ذلك، وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد لئلا يتشبهوا بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود. يقول شيخ الإسلام : وجماع ذلك كله الذي يصلح: اتباع عادات السلف وأخلاقهم، والاجتهاد عليها بحسب الإمكان؛ فمن لم يعتقد ذلك ولم يعرف أنه العادة، وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس من الاحترام مفسدة راجحة؛ فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، كما يجب فعل أعظم الصلاحين بتفويت أدناهما. وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

قول الألباني في حكم القيام للقادم

هناك مذهب آخر في هذه المسألة، ونحن نذكر هذه الأدلة من باب أن الإنسان يكون على معرفة بمذهب من يخالفه، وأنه يعتمد على أدلة لا على هوى؛ حتى يفرق بين الإنكار في المسائل المتفق عليها والمسائل المختلف فيها، ويرتفع أفق الإنسان بمعرفة مآخذ المذهب المخالف، فمن العلماء من يمنعون القيام للقادم مطلقاً، وممن ينتصر لهذا القول العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله، واستدل بحديث أبي مجلز قال: دخل معاوية بيتاً فيه عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عامر ، فقام ابن عامر وثبت ابن الزبير ، وكان أدربهما -وفي بعض النسخ: أرزنهما، لكن الأصح أدربهما- فقال معاوية : (اجلس يا ابن عامر !). فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أحب أن يتمثل الناس له قياماً فليتبوأ مقعده من النار)، قال الألباني : صحيح، رجال إسناده ثقات، رجال الشيخين، قال: وللحديث شاهد مرسل في قصة طريفة، أخرجه الخطيب من طريق عبد الرزاق بن سليمان بن علي بن الجعد ، قال: سمعت أبي يقول: لما أحضر المأمون أصحاب الجواهر فناظرهم على متاعٍ كان معهم، ثم نهض المأمون لبعض حاجته، فقام كل من كان في المسجد إلا ابن الجعد فإنه لم يقم، قال: فنظر إليه المأمون كهيئة المغضب، ثم استخلاه -أي: خلا به- فقال له: يا شيخ! ما منعك أن تقوم لي كما قام أصحابك، قال: أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وما هو؟ قال: علي بن الجعد : سمعت المبارك بن فضالة يقول: سمعت الحسن يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار). قال: فأطرق المأمون متفكراً في الحديث، ثم رفع رأسه فقال: لا يشترى إلا من هذا الشيخ، قال: فاشترى منه في ذلك اليوم بقيمة ثلاثين ألف دينار. يقول الألباني : فصدق في علي بن الجعد -وهو ثقة ثبت- قول الله عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]؛ لأنه إذا خالف التجار الآخرين خشي ذهاب البيع عليه، ولكنه خشي أن يخالف نهي النبي عليه الصلاة والسلام، وعومل الآخرون بنقيض قصدهم، وفاتتهم البيعة! ونحو هذه القصة ما أخرجه الدينوري في المنتقى من المجالسة قال: حدثنا أحمد بن علي البصري قال: وجه المتوكل إلى أحمد بن العدل وغيره من العلماء، فجمعهم في داره، ثم خرج عليهم، فقام الناس كلهم إلا أحمد بن العدل ، فقال المتوكل لـعبيد الله : إن هذا الرجل لا يرى بيعتنا -يعني: أنه لم يقم لي لأنه لا يعتبرني، ولا يعتد بإمامتي- فقال له: بلى يا أمير المؤمنين! ولكن في بصره سوء، يعني: نظره ضعيف فلم يرك، فقال أحمد بن العدل : يا أمير المؤمنين! ما في بصري من سوء، ولكنني نزهتك من عذاب الله تعالى؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)، فجاء المتوكل وجلس إلى جنبه! وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن الأوزاعي قال: حدثني بعض حرس عمر بن عبد العزيز قال: خرج علينا عمر بن عبد العزيز ونحن ننتظره يوم الجمعة، فلما رأيناه قمنا، فقال: إذا رأيتموني فلا تقوموا، ولكن توسعوا. يقول الألباني رحمه الله في فقه الحديث: دلنا هذا الحديث -يشير إلى حديث: (من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار)- على أمرين: الأول: تحريم حب الداخل على الناس القيام منهم له، وهو صريح الدلالة؛ بحيث إنه لا يحتاج إلى بيان، يعني: أن الوعيد الذي فيه (فليتبوأ مقعده من النار) وعيد شديد جداً، كما في قوله: (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، فهذا من الكبائر القلبية الغليظة، ولا خلاف في هذا. الثاني: كراهة القيام من الجالسين للداخل ولو كان لا يحب القيام، وذلك من باب التعاون على الخير، وعدم فتح باب الشر، وهذا معنىً دقيق دلنا عليه راوي الحديث معاوية رضي الله عنه، وذلك بإنكاره على عبد الله بن عامر قيامه له، واحتج عليه بالحديث، وذلك من فقهه في الدين، وعلمه بقواعد الشريعة التي منها سد الذرائع، ومعرفته بطبائع البشر، وتأثرهم بأسباب الخير والشر. يعني: أنه يعتمد على قاعدة سد الذرائع؛ ولذلك قال بالكراهة ولم يقل بالتحريم، يقول: فإنك إذا تصورت مجتمعاً صالحاً كمجتمع السلف الأول لم يعتاد القيام لبعض فمن النادر أن تجد فيهم من يحب هذا القيام الذي يرديه في النار، وذلك لعدم وجود لما يذكره به، وهو القيام نفسه، وعلى العكس من ذلك: إذا نظرت إلى مجتمع كمجتمعنا اليوم قد اعتادوا القيام المذكور، فإن هذه العادة -لا سيما مع الاستمرار عليها- تذكره به، ثم إن النفس تتوق إليه، وتشتهيه؛ حتى تحبه، فإذا أحبه هلك، فكان من باب التعاون على البر والتقوى أن يترك هذا القيام، حتى لمن نظن أنه لا يحبه؛ خشية أن يجره قيامنا له إلى أن يحبه، فنكون قد ساعدنا على إهلاك نفسه، وهذا لا يجوز. ومن الأدلة الشاهدة على ذلك: أنك ترى بعض أهل العلم -الذين يظن فيهم حسن الخلق- تتغير نفوسهم إذا ما وقع نظرهم على فردٍ لم يقم لهم! هذا إذا لم يغضبوا عليه، ولم ينسبوه إلى قلة الأدب، ويبشروه بالحرمان من بركة العلم؛ بسبب عدم احترامه لأهله بزعمهم، بل إن فيهم من يدعوهم إلى القيام، ويخدعهم بمثل قوله: أنتم لا تقومون لي كجسم من عظم ولحم، وإنما تقومون للعلم الذي في صدري! وكأن النبي صلى الله عليه وسلم عنده لم يكن لديه علم؛ لأن الصحابة كانوا لا يقومون له، أو أن الصحابة لا يعظمون النبي عليه الصلاة والسلام التعظيم اللائق به، فهل يقول بهذا أو ذاك مسلم؟! ثم يقول الشيخ رحمه الله: ومن أجل هذا الحديث وغيره ذهب جماعة من أهل العلم إلى المنع من القيام للغير، كما في فتح الباري. ثم قال: ومحصل المنقول عن مالك إنكار القيام ما دام الذي يقام لأجله لم يجلس، ولو كان في شغل نفسه؛ فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها؛ فتتلقاه وتنزع ثيابه، وتقف حتى يجلس؟ أي: أن الإمام مالك سئل عن امرأة حينما يدخل عليها زوجها تبالغ في إكرامه؛ فأول شيء أنها تتلقاه وتقابله، ثم تنزع ثيابه، ثم تقف حتى يجلس؛ إكراماً لزوجها، فقال: أما التلقي فلا بأس به، وأما القيام حتى يجلس فلا؛ فإن هذا من فعل الجبابرة، وقد أنكره عمر بن عبد العزيز . يقول الألباني : قلت: وليس في الباب ما يعارض دلالة هذا الحديث أصلاً، والذين خالفوا فذهبوا إلى جواز هذا القيام بل استحبابه استدلوا بأحاديث بعضها صحيح وبعضها ضعيف، والكل عند التأمل في طرقها ومتونها لا ينهض للاستدلال على ذلك. ومن أمثلة القسم الأول: حديث: (قوموا إلى سيدكم)، ففيه زيادة في الحديث: (فأنزلوه). لأنه كان مجروحاً. ومن أمثلة القسم الآخر الضعيف: حديث قيامه صلى الله عليه وسلم حين أقبل عليه أخوه من الرضاعة، فأجلسه بين يديه. فهو حديث ضعيف معضل الإسناد، ولو صح فلا دليل فيه أيضاًَ. ثم ذكر في موضع آخر حديث أنس رضي الله عنه قال: (ما كان في الدنيا شخص أحب إليهم رؤيةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له؛ لما كانوا يعلموا من كراهيته لذلك). قال: إسناده صحيح على شرط مسلم. ثم قال الألباني رحمه الله: وهذا الحديث مما يقوي ما دل عليه الحديث السابق من المنع من القيام للإكرام؛ لأن القيام لو كان إكراماً شرعاً لم يجز له صلى الله عليه وسلم أن يكرهه من أصحابه، وهو أحق الناس بالإكرام، وهم أعرف الناس بحقه صلى الله عليه وسلم، وأيضاً فقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القيام له من أصحابه، فعلى المسلم -خاصة إذا كان من أهل العلم وذوي القدوة- أن يكره ذلك لنفسه؛ اقتداءً به صلى الله عليه وسلم، وأن يكرهه لغيره من المسلمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير)، فلا يقوم له أحد، ولا هو يقوم لأحد، بل كراهتهم لهذا القيام أولى بهم من النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنهم إن لم يكرهوه اعتادوا القيام بعضهم لبعض، وذلك يؤدي بهم إلى حبهم له، وهو سبب يستحقون عليه النار، كما في الحديث السابق، وليس كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه معصوم من أن يحب مثل هذه المعصية، فإذا كان مع ذلك قد كره القيام له؛ كان واضحاً أن المسلم أولى بكراهته له.

إكرام الناس على حسب مراتبهم وإنزالهم منازلهم

ثم ذكر الإمام النووي رحمه الله تعالى أطرافاً مما جاء في تنزيل الناس منازلهم، وإكرامهم على حسب مراتبهم، وما جاء في احترام وإكرام فضلاء المسلمين، وتوقير أولي السن والورع والعلم والدين، والرفق بطلبة العلم وأولي الفضل والفهم؛ تعظيماً لحرمات المؤمنين المسلمين، ومسارعةً إلى رضا رب العالمين، قال: وهو دليل لما قدمته، وعاضد لما أسلفته: قال الله عز وجل: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]، وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]. ثم روى حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يأتيكم رجال من قبل المشرق يتعلمون، فإذا جاءوكم فاستوصوا بهم خيراً). وعن عامر بن إبراهيم قال: كان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا رأى طلبة العلم قال: (مرحباً بطلبة العلم)، وكان يقول: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بكم). وذكر حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط) أي: الحاكم العادل. وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا). وهناك حديث ضعيف ذكره عن ميمون بن أبي شبيب أن عائشة رضي الله عنها مر بها سائل فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك، فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزلوا الناس منازلهم)، ولكن ميموناً لم يدرك عائشة . وذكر أيضاً عن عائشة أنها قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم)، وهذا رواه مسلم في مقدمة الصحيح. وعن إسحاق الشهيدي قال: كنت أرى يحيى القطان رحمه الله تعالى يصلي العصر، ثم يستند إلى أصل منارة مسجده، فيقف بين يديه علي بن المديني و الشاذكوني و عمرو بن علي و أحمد بن حنبل و يحيى بن معين وغيرهم، يسألونه عن الحديث وهم قيام على أرجلهم، إلى أن تحين صلاة المغرب، لا يقول لواحدٍ منهم: اجلس، ولا يجلسون هيبةً وإعظاماً. وذكر أيضاً عن الإمام البغوي أنه قال: وكذلك تجوز إقامة الإمام والوالي الرجل على رأسه في موضع الحرب، ومقام الخوف. يعني: أن بعض الأئمة يحملون حديث: (من أحب أن يتمثل الناس أو الرجال له قياماً فليتبوأ مقعده من النار) على أن يكون الإنسان جالساً والناس قيام على رأسه، كالجنود والحراس ونحوهم، ويستثنون حالة الحرب والخوف؛ حتى يدخل الرعب في قلوب الأعداء، كما حصل في صلح الحديبية حينما كان يقف المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائماً على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السيف، وعليه المغفر. يقول النووي : هذا الذي قاله البغوي رحمه الله تعالى متفق عليه. يعني: استثناء هذه الحالة، وهو أن يقف على رأس السلطان بالهيبة والسلاح إرهاباً للأعداء في حالة الخوف والحرب، والحديث مشهور في الصحيح.

أدلة المانعين من القيام للقادم

ثم ذكر الإمام النووي رحمه الله تعالى الباب الثاني في الأحاديث التي يستدل بها على النهي عن القيام وما أجاب به عنها أهل المعرفة والحذق والأفهام. ثم روى حديث أنس رضي الله عنه قال: (لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا؛ لما يعلمون من كراهته لذلك)، وهذا الحديث صحيح. الحديث الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار). الحديث الثالث: عن أبي أمامة قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عصا، فقمنا إليه، فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً) وهو حديث ضعيف. ثم أجاب الإمام النووي رحمه الله عن هذه الأحاديث فقال: أما الجواب عن الحديث الأول -وهو أقرب ما يحتج به- فمن وجهين: أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خاف عليهم وعلى من بعدهم الفتنة بإفراطهم في تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث الآخر: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله)، فقوله هذا من نفس هذا الباب؛ لسد الافتتان به والغلو في تعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامهم له لهذا المعنى، ولم يكره قيام بعضهم لبعض، بل قام صلى الله عليه وسلم لبعضهم، وقاموا لغيره بحضرته، ولم ينكر ذلك، بل أقره، وأمر به في حديث القيام لـسعد . يقول: وقد قدمنا في الباب الأول بيان هذا كله، وهذا جواب واضح لا يرتاب فيه إلا جاهلٌ أو معاند. الوجه الثاني في الجواب عن هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بينه وبين أصحابه رضي الله عنهم من الأنس وكمال الود والصفا ما لا تحتمل زيادته بالإكرام بالقيام، فلم يكن في القيام مقصود، بخلاف غيره، فإن فرض صاحبٌ للإنسان قريبٌ من هذه الحالة فلا حاجة إلى القيام. أما الحديث الثاني -وهو قوله: (من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)، يعني: فليجلس على مقعده من النار- فقد أولع أكثر الناس بالاحتجاج به، والجواب عنه من أوجه، والأصح والأولى والأحسن، بل الذي لا حاجة إلى ما سواه: أنه ليس فيه دلالة؛ وذلك أن معناه الصريح الظاهر منه: الزجر الأكيد والوعيد الشديد للإنسان أن يحب تمثل الناس قياماً له، وليس فيه تعرض للقائم بنهي ولا غيره، وهذا متفق عليه. يعني: يحرم على الإنسان أن يحب قيام الناس له، فالإمام النووي يقول: هذا ليس فيه دلالة على المسألة التي نتكلم فيها؛ فالكلام ليس على حب القادم أن يتمثل الناس له قياماً، فهذا حرام، لكن الكلام في القائم نفسه، فهل في هذا الحديث وعيد له أم لا؟ فمذهب الإمام النووي أنه ليس هناك تعرضٌ لحال الذي يقوم، وإنما فيه تعرض لتحريم محبة القادم أن يتمثل الناس له قياماً، فالمنهي عنه هو محبته للقيام. يقول: وليس فيه تعرضٌ للقائم بنهي ولا غيره، وهذا متفق عليه، وهو أنه لا يحل للآتي أن يحب قيام الناس له، والمنهي عنه هو محبته القيام، ولا يشترط كراهيته لذلك، وخطور ذلك بباله، حتى إذا لم يخطر ذلك بباله فقاموا له أو لم يقوموا فلا ذم عليه، وإذا كان معنى الحديث ما ذكرناه فمحبته أن يقام له محرم، فإذا أحب ذلك فقد ارتكب التحريم، سواءً قيم له أو لم يقم له. يعني: لو أن رجلاً يحب أن يقوم الناس له -وهذا عمل قلبي-، وهم لم يقوموا له؛ فهو يأثم، حتى لو لم يقوموا له. قال: فمدار التحريم على المحبة، ولا تأثير لقيام القائم، ولا نهي في حقه بحال، فلا يصح الاحتجاج بهذا الحديث. فإن قال من لا تحقيق عنده: إن قيام القائم سببٌ لوقوع هذا في المنهي عنه، قلنا: هذا سؤال فاسدٌ لا يستحق سائله جواباً؛ فإن تبرع عليه قيل ما قدمناه: إن الوقوع في المنهي عنه يتعلق بالمحبة فحسب. الجواب الثاني: أنه حديث مضطرب، والاضطراب يوجب ضعف الحديث، وهذا الجواب فيه نظر كما قال الإمام النووي رحمه الله. ثم ذكر عن بعض الأئمة أنهم قالوا: إنما كره القيام على طريق الكبر، فأما على طريق المودة فلا، فكل من أحب أن تقوم له فلا تقم له. أي: إذا علمت أنه يحب أن تقوم له فلا تقم له، وأظن أن من هذا -والله أعلم- ما يحصل في المدارس؛ حيث إن المدرس يحب أن يقوم التلاميذ له. قال: من يغلظ على من لا يقوم، مخالف لسمت السلف، وهذا دليل على أنه يحب القيام له، حيث يغضب على من لا يقوم له، فالخوف عليه أكثر؛ لأنه وقع في الوعيد بما لا يحتمل التأويل؛ لأنه أحب أن يتمثل الناس له قياماً، فهذه من الكبائر القلبية. وبعض العلماء قالوا: إن هذا الوعيد فيمن يأمرهم بذلك ويلزمهم إياه على طريق النخوة والكبر. وأما أبو موسى فقال: معنى الحديث: أن يقوم الرجال على رأسه، كما يقام بين يدي الملوك. أما الحديث الثالث -وهو: (لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً)- فهو ضعيف لا يصح الاحتجاج به، والوجه الثاني أنه على سبيل التعظيم، فهذا هو المذموم. أي: إذا كان على سبيل النخوة والكبر والتعظيم. أما حديث أبي بكرة -وهو: (لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه)- فأيضاً ضعيف، ويحتمل أن يكون المعنى: لا تقم من مجلس صلاة وسماع الوعظ والتذكير والعلم ونحو ذلك، على سبيل الإيثار فيما لا إيثار فيه، فلا يقوم الرجل للرجل من مجلسه إذا كان في مجلس علم، ولا يضح بموقعه الأحسن ويؤثر غيره به، فلا ينبغي الإيثار في هذا الموضع، وهذا التأويل ذكره بعض العلماء، وهكذا ما أشبه هذا من القربات التي يكره الإيثار فيها، فمن القصور أن تقام الصلاة وهناك مكان فارغ في الصف المقدم فيقول الإنسان لأخيه: تفضل، فيقول: تفضل أنت! هذا جهل، بل ينبغي أن يتسابقا في أعمال الآخرة التي فيها تنافس، كما قال تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26]. أما حديث: (ولا تنافسوا) فهذا في الدنيا، أما في الآخرة فكان الصحابة يبتدرون السواري إذا أذن المأذن، وكانوا إذا أقيمت الصلاة يتسارعون إلى الصفوف الأولى، والنبي عليه الصلاة والسلام رغبهم في هذا، وبين أنهم يستهمون إذا حصل النزاع على الأذان والصف الأول، فيقترعون على ذلك أيهم أولى، وهكذا الدور في التسميع على الشيخ لا ينبغي الإيثار فيه، فإذا جاء دور الطالب وآثر غيره به، فهذا من الزهد في الخير، فينبغي أن يحرص الإنسان أن يكون مقدماً في مجالس العلم ومجالس الفضل، والإيثار يكون في الطعام والشراب وحظوظ النفس ومتاع الدنيا، فيهدي إخوانه، ويؤثر على نفسه، كما في قوله تبارك وتعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9]، فهو محتاج إلى الطعام ويتصدق، ومحتاج إلى الملابس ويعطي ولا يلبس هو، فهذا الإيثار محمود في أمر الدنيا، وحظوظ النفس، أما أمور الدين ومعالي الأمور فلا. كان بعض الصحابة إذا كانوا اثنين يجلس واحد منهما في البيت والآخر يجاهد، ويقول الابن لأبيه: يا أبت! لولا أنها الجنة لآثرتك على نفسي! فهكذا ينبغي أن نكون، فالحق في التقرب لله تعالى لا يجوز تفويته، بخلاف الطعام ونحوه؛ فإن الحق فيه للنفس، وإن كان لله تعالى فيه حقٌ في بعض المواطن فنفعه ومقصوده يعود إلى الآدمي، وقد أوضحت هذا الفرق بشواهده وما يرد عليه من أكل الميت عند المخمصة، وجوابه في باب التيمم من شرح المهذب، وهذا القدر هنا كافٍ، والله أعلم. ثم أنهى الإمام النووي الكتاب بقوله: نختم الباب ببيتين على عادة الأئمة والحفاظ: قيامي والعزيز إليك حقٌ وترك الحق ما لا يستقيم فهل أحدٌ له عقلٌ ولبٌ ومعرفةٌ يراك ولا يقوم هذا ما تيسر من تلخيص كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى.

أدلة المجيزين القيام للقادم

يقول رحمه الله: الله تعالى أمر باللطف بالمسلمين، وإكرام أهل العلم والورع والدين، فقال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88]، ومن اللطف بهم والإكرام: أن يحترموا بإلانة القول لهم، والقيام لا على طريق الرياء والإعظام، بل على ما ذكرناه من التكريم والاحترام، وعلى هذا استمر ما لا يحصى من علماء الإسلام وأهل الصلاح والورع وغيرهم من الأفاضل الأعلام، فالذي يختار: القيام لأهل الفضل والمزية من أهل العلم وقرابته والوالدين والصالحين وسائر أخيار البرية، فقد جاءت بذلك جمل من الأخبار، وأقوال السلف الكرام الأبرار، وأفعال العلماء والصلحاء أهل الورع والزهاد وغيرهم من الأخيار. ثم عقد باباً فيما ورد في الترخيص من الآثار والأخبار، وما قال فيه الأعيان من العلماء والأخيار. وذكر بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن يهود نزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه، فأرسل إليه، فجاء على حمار، فلما بلغ قريباً من المسجد قال النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى خيركم أو سيدكم)، وهناك رواية مشهورة على ألسنة الناس بلفظ: (قوموا لسيدكم)، لكن الوارد: (قوموا إلى سيدكم)، وأضف إلى قرينة وجود (إلى) كلمة (أنزلوه)؛ لأنه كان على حمار، وكان مجروحاً رضي الله عنه. وروى الحافظ البيهقي و أبو موسى الأصبهاني بسندهما عن الإمام مسلم قال: لا أعلم في قيام الرجل للرجل حديثاً أصح من هذا، وهذا القيام على وجه البر لا على وجه التعظيم. يقول النووي : وقد أفصح الإمام مسلم رضي الله تعالى عنه بحقيقة المطلوب في هذا الكلام المختصر رحمه الله تعالى ورضي الله عنه. وقال الخطابي و البغوي بعد رواية حديث أبي سعيد رضي الله عنه السابق: في هذا الحديث أن قيام المرءوس للرئيس الفاضل والوالي العادل، وقيام المتعلم للعالم مستحب غير مكروه، وإنما جاءت الكراهة فيمن كان بخلاف هذه الصفات، فيحمل كراهة القيام للقادم فيمن كان فاجراً أو فاسقاً أو غير ذلك من الصفات الدنيئة، أو إن كان قيامه من أجل الدنيا أو الرياء. قال البغوي و الخطابي : وما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يتمثل له الرجال صفوفاً...) فهو إذا كان يأمرهم بذلك، ويلزمهم به على مذهب الكبر والنخوة. وعن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده كعب رضي الله عنه في حديث توبته الطويل المشهور فذكره... إلى قوله: (وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت المسجد -يعني: لما بشر بنزول التوبة من الله عليهم- فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ حوله الناس، فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله! ما قام إليَّ من المهاجرين غيره، ولا أنساها لـطلحة)؛ لأنه قام يهنئه بالتوبة، وهذا حديث متفق على صحته. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها، وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته، وأجلسته في مجلسها) رواه أبو داود و الترمذي و النسائي ، وحسنه الترمذي، يقول النووي : وهذا الحديث من أصرح الأدلة في المسألة. وروى النووي رحمه الله حديثاً مثل حديث عائشة ، وهو: أن عمر بن السائب حدثه أنه بلغه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً يوماً، فأقبل أبوه من الرضاعة، فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه -يعني: من الرضاعة- فوضع لها شق ثوبه من الجانب الآخر فجلست عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه)، وهذا الحديث ضعيف. وروى النووي أيضاً بسنده عن ابن شهاب : أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت عكرمة بن أبي جهل ، فأسلمت يوم الفتح بمكة، وهرب زوجها من الإسلام حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن، فدعته إلى الإسلام، فأسلم، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحاً وما عليه رداء حتى بايعه ، هكذا رواه الإمام مالك مرسلاً، وهذا والحديث الذي قبله وإن كانا مرسلين يصح الاحتجاج بهما في هذه المسألة؛ وذلك لأن أكثر الفقهاء قالوا بجواز الاحتجاج بالمرسل، وقال الشافعي وأكثر أهل الحديث: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. ومذهب الشافعية هو التساهل في الأخذ بالحديث المرسل، لاسيما إذا كان عن كبار التابعين، وقال الشافعي رحمه الله كلاماً حاصله: إذا روي المرسل مسنداً أو مرسلاً من طريق أخرى، وقال به بعض الصحابة أو عوام أهل العلم؛ جاز الاحتجاج به. وقوله: عوام أهل العلم ليس المقصود عوام الناس؛ فالعامي مأخوذ من العمى، وهو الذي يقوده غيره، لكن المقصود بعوام أهل العلم: عامة أهل العلم. قال النووي : وقد وجد في هذا الحديث ما يجوز الاحتجاج به، وهو ما قدمناه من الشواهد له، وما سنذكره بعده من أقوال العلماء. والله أعلم. وأيضاًَ ذكر الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا فإذا قام قمنا قياماً حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه)، وهذا الحديث إن صح، ليس له تعلق كبير بالمسالة، فكلامنا على القيام للقادم، أما كون جماعة من الناس يجلسون، وبعدما فرغوا قاموا، فليس في هذه المسألة، إلا أن يقال: إنهم قاموا إكراماً له عليه الصلاة والسلام، يقول الإمام النووي : إسناد هذا الحديث إسنادٌ صحيح، ورواته كلهم مشهورون بالعدالة، إلا هلالاً فإنه ليس بمشهور. وروى أيضاً عن أبي هشام الرفاعي قال: قام وكيع لـسفيان ، فأنكر عليه قيامه، فقال: أتنكر عليّ قيامي وأنت حدثتني عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله تعالى إجلال ذي الشيبة المسلم) يعني إن من تعظيم الله أن تعظم المسلم الذي شاب في الإسلام، فأخذ سفيان بيده، فأجلسه إلى جانبه. وعن محمد بن الصلت قال: كنت عند بشر بن الحارث -يعني: الحافي الزاهد رضي الله عنه- فجاءه رجل فسلم عليه، فقام إليه بشر ، فقمت لقيامه، فمنعني من القيام، فلما خرج الرجل قال لي بشر : يا بني! تدري لما منعتك من القيام له؟ قلت له: لا، قال: لأنه لم يكن بينك وبينه معرفة، وكان قيامك لقيامي، فأردت ألا يكون لك حركة إلا لله عز وجل خالصة. وعن أبي أحمد بن عدي الحافظ عن عبد المؤمن بن أحمد بن حوثرة قال: كان أبو زرعة الرازي رحمه الله تعالى لا يقوم لأحد، ولا يجلس أحداً مكانه إلا ابن وارة، فإني رأيته يفعل ذلك معه. يعني: لمكانته في الإمامة والعلم. وقال الإمام أبو عبد الرحمن السلمي في كتابه (آداب الصحبة): ويقوم لإخوانه إذا أبصرهم مقبلين، ولا يقعد إلا بقعودهم، وأنشد: فلما بصرنا به مقبلا حللنا الحبى وابتدرنا القياما فلا تنكرن قيامي له فإن الكريم يجل الكراما وروى الحافظ أبو موسى بإسناده عن الإمام أبي سعيد النقاش قال: النبلاء من الرجال والعلماء يكرهون قيام الرجل لهم؛ لكراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مباحٌ لبعض الناس أن يقوم للناس. ثم قال النووي : هذا ما تيسر ناجزاً من الأحاديث وأقوال الأئمة في الترخيص في القيام، وحاصله: أنه ثبت ذلك من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة، وبأمره بذلك الأنصار، وبتقريره حين فُعل بحضرته، ومن فعل جماعة من الصحابة والسلف رضي الله تعالى عنهم في مواطن وجهات مختلفة، وفعل أئمة الناس في الحديث والفقه والزهد في أعصارهم































الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7788.forumegypt.net
 
القيام للقادم للشيخ المقدم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فضل الحج وفوائدة للشيخ عبد المحسن العباد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى هديل الحمام :: منتدى هديل العلماء-
انتقل الى: