وبهذه المناسبة يحق لي أن أقول بيانا للتاريخ , وشكرًا لوالدي - رحمه الله تعالى-:
وكذلك في الحديث بشرى لنا: آل الوالد الذي هاجر بأهله من بلده (أشقودرة) عاصمة (ألبانيا) يومئذٍ, فرارًا بالدين من ثورة (أحمد زوغو) أزاغ الله قلبه , الذي بدأ يسير في المسلمين الألبان مسيرة سلفه (أتاتورك) في الأتراك, فجنيت - بفضل الله ورحمته- بسبب هجرته هذه إلى (دمشق الشام) ما لا أستطيع أن أقوم لربي بواجب شكره, ولو عشت عمر نوح عليه الصلاة والسلام , فقد تعلمت فيها اللغة العربية السورية أولا, ثم اللغة العربية الفصحى ثانيًا , الأمر الذي مكنني أن أعرف التوحيد الصحيح الذي يجهله أكثر العرب الذين كانوا حولي - فضلا عن أهلي وقومي- إلا قليلا منهم , ثم وفقني الله - بفضله وكرمه دون توجيه من أحد منهم - إلى دراسة الحديث والسنة أصولا وفقهًا , بعد أن درست على والدي وغيره من المشايخ شيئًا من الفقه الحنفي وما يُعرف بعلوم الآلة, كالنحو والصرف والبلاغة , بعد التخرج من مدرسة (الإسعاف الخيري) الإبتدائية , وبدأت أدعو من حولي من إخوتي وأصحابي إلى تصحيح العقيدة, وترك التعصب المذهبي , وأحذِّرهم من الأحاديث الضعيفة والموضوعة , وأرغّبهم في إحياء السنن الصحيحة التى أماتها حتى الخاصة منهم, وكان من ذلك صلاة العيدين في المصلى في دمشق , ثم أحياها إخواننا في حلب , ثم في بلاد أخرى في سوريا , واستمرت هذه السنة تنتشر حتى أحياها بعض إخواننا في (عمان/ الأردن) , كما حذرت الناس من بناء المساجد على القبور والصلاة , وألَّفت في ذلك كتابي " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" وفاجأت قومي وبني وطني الجديد بما لم يسمعوا من قبل , وتركت الصلاة في المسجد الأموي, في
(1/7)
--------------------------------------------------------------------------------
الوقت الذي كان يقصده بعض أقاربي , لأن القبر يحيى فيه كما يزعمون! ولقيت في سبيل ذلك – من الأقارب والأباعد- ما يلقاه كل داعية للحق لا تأخذه في الله لومة لائم, وألَّفت بعض الرسائل في بعض المتعصبين الجهلة , وسُجنت مرتين بسبب وشاياتهم إلى الحكام الوطنيين والبعثيين , وبتصريحي لبعضهم حين سئلت: لا أؤيد الحكم القائم, لأنه مخالف للإسلام ,وكان ذلك خيرًا لي وسببًا لانتشار دعوتي.
ولقد يسر الله لي الخروج للدعوة إلى التوحيد والسنة إلى كثير من البلاد السورية والعربية , ثم إلى بعض البلاد الأوربية , مع التركيز على أنه لا نجاة للمسلمين مما أصابهم من الاستعمار والذل والهوان , ولا فائدة للتكتلات الإسلامية والأحزاب السياسية إلا بالتزام السنة الصحيحة وعلى منهج السلف الصالح – رضي الله عنهم- وليس على ما عليه الخلف اليوم- عقيدة وفقهًا وسلوكًا- فنفع الله ما شاء ومن شاء من عباده الصالحين , وظهر ذلك جليًا في عقيدتهم وعبادتهم , وفي بنائهم لمساجدهم , وفي هيئاتهم وألبستهم , مما يشهد به كل عالم منصف , ولا يجحده إلا كل حاقد أو مخرّف , مما أرجو أن يغفر الله لي بذلك ذنوبي , وأن يكتب أجر ذلك لأبي وأمي , والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات (رب اوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين).