منتدى هديل الحمام
اهلا وسهلا بك فى منتداك يسعدنا تواجدك معانا ونتمنى ان تساهم بصدقة جارية
منتدى هديل الحمام
اهلا وسهلا بك فى منتداك يسعدنا تواجدك معانا ونتمنى ان تساهم بصدقة جارية
منتدى هديل الحمام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى هديل الحمام

منتدى هيسعدك
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
من قال سبحان الله وبحمدة غرست لة نخلة فى الجنة
تذكر ان سبحان الله وبحمدة بها يرزق الخلق
من قال سبحان الله وبحمدة فى يوم 100 مرة حطت خطاياة وان كانت مثل زبد البحر
من افضال سبحان الله وبحمدة ان من قالها مئة مرة كتب لة الله 1000 حسنة ( مسلم)
كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمدة سبحان الله العظيم
من افضال قولك سبحان الله وبحمدة ان من قالها حط الله عنة سيئة وكتب لة حسنة ورفع لة درجة
وفى صحيح مسلم ان من قال سبحان الله وبحمدة حين يصبح وحين يمسى 100 مرة لم يات احد يوم القيامة بافضل مما جاء بة إلا رجل قال مثل ذلك او اكثر

 

 بحث شامل حول صيام يوم السبت الجزء 2 والاخير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد الزهرى
Admin
احمد الزهرى


عدد المساهمات : 227
نقاط : 20055
تاريخ التسجيل : 31/03/2014
العمر : 35

بحث شامل حول صيام يوم السبت الجزء 2 والاخير Empty
مُساهمةموضوع: بحث شامل حول صيام يوم السبت الجزء 2 والاخير   بحث شامل حول صيام يوم السبت الجزء 2 والاخير Emptyالأربعاء مايو 07, 2014 2:45 pm

والذي أراه ـ والله أعلم ـ أن هذا الجمع جيد لولا أمران اثنان:
الأول: مخالفته الصريحة للحديث، على ما سبق نقله عن ابن القيم.
والآخر: أن هناك مجالا آخر للتوفيق والجمع بينه وبين تلك الأحاديث، إذا ما أردنا أن نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول، ومنها:
أولاً: قولهم: إذا تعارض حاظر ومبيح؛ قدم الحاظر على المبيح.
ثانيًا: إذا تعارض القول مع الفعل؛ قدم القول على الفعل.
ومن تأمل تلك الأحاديث المخالفة لهذا؛ وجدها على نوعين:
الأول: من فعله صلى الله عليه وسلم وصيامه.
والآخر: من قوله صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمرو المتقدم.
ومن الظاهر البين أن كلاً منهما مبيح، وحينئذ؛ فالجمع بينها وبين الحديث يقتضي تقديم الحديث على هذا النوع لأنه حاظر، وهي مبيحة.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لجويرية: " أتريدين أن تصومي غدًا "، وما في معناه مبيح أيضًا، فيقدم الحديث عليه.


--------------------------------------------------------------------------------

هذا ما بدا لي، فإن أصبت فمن الله، وله الحمد على فضله وتوفيقه، وإن أخطأت فمن نفسي، وأستغفره من ذنبي




















رابعًا: القول الراجح في المسألة
بعد عرض الأدلة التي استدل بها كل فريق في ترجيح ما ذهب إليه، وبيان الضعيف منها من الصحيح ووجه الدلالة منها يتضح أن الصواب في ذلك هو تحريم صوم السبت في غير فريضة مثل صيام رمضان، وقضاء رمضان، وصيام النذر، والكفارات، وغيرها مما هو فرض. وذلك للآتي:
1 ـ من المعروف لدى أهل الأصول أن النهي يقتضي التحريم ما لم تصرفه قرينة إلى الكراهة فقط،
قال تعالى: (وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر: من الآية7).
ولم يقل أحد من أهل العلم أن القرينة تصرف النهي إلى الإباحة، فمن قال بالجواز فقد خالف ذلك، وهذا بين واضح.
أما فساد المنهي: فيكون إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو شرطه أو شئ خارج عنه ولازم له غالبًا كما هو مقرر في الأصول.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
__________
(1) تمام المنة في التعليق على فقه السنة (ص 405 ـ 408)


--------------------------------------------------------------------------------

وكما أن قواعد الشريعة أن النهي يقتضي التحريم فكذلك يقتضي الفساد. أ ـ هـ (1)
وقال الزركشي ـ رحمه الله ـ بعد أن حكى الخلاف:
أنه للتحريم حقيقة كما أن مطلق الأمر للوجوب، لأن الصحابة رجعوا في التحريم إلى مجرد النهي، ولقوله تعالى: (وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وهذا هو الذي عليه الجمهور، وتظاهرت نصوص الشافعي عليه، فقال في "الرسالة ": في باب العلل في الأحاديث: وما نهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على التحريم حتى يأتي دلالة على أنها إنما أراد به غير التحريم.
وقال في "الأم " في كتاب صفة الأمر والنهي: النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ما نهي عنه فهو محرم حتى تأتي دلالة أنه بمعنى غير التحريم.
ونص عليه في "أحكام القرآن " أيضًا. (2)
فقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (لا تصوموا يوم السبت ... ) نهي يقتضي التحريم. وأحاديث الجواز لا تصرف هذا النهي
__________
(1) حاشية السنن (6/ 166) وانظر في ذلك مبحث النهي في كتب الأصول، ولابد من التفريق بين النهي المطلق الذي يدل على الكف عن الفعل وبين صيغ النهي حتى لا يحدث اللبث.
(2) البحر المحيط للزركشي (2/ 426)


--------------------------------------------------------------------------------

لغير التحريم وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلا عُودَ عِنَبٍ أَوْ لِحَى شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهَا) فإنه تشديد في النهي؛ وإلا فما فائدة قوله صلى الله عليه وسلم ذلك إذا لم يكن تأكيدًا في النهي؟

2 ـ أن من القواعد الفقهية: أن المنطوق مقدم على المفهوم.
والأحاديث التي استدل بها المجوزون إنما تدل بمفهومها على جواز صيامه، وحديث المنع يدل بمنطوقه على تحريم الصيام، فيقدم هو على غيره.
قال الرازي:
المنطوق مقدم على المفهوم إذا جعلنا المفهوم حجة لأن المنطوق أقوى دلالة على الحكم من المفهوم. أ ـ هـ (1)
وقد استعمل العلامة الشنقيطي رحمه الله هذه القاعدة في كثير من المواضع في تفسيره "أضواء البيان " في الترجيح بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض (2)
__________
(1) المحصول للرازي (5/ 579) وذكر ابن قدامة في المغني (1/ 142) الاتفاق على ذلك.
(2) 1) أنظر أضواء البيان الشنقيطي (4/ 320)، (7/ 199، 403)، وأنظر أيضًا "تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي " للمباركفوري (8/ 82)


--------------------------------------------------------------------------------

3 ـ إذا تعارض الأمر والنهي قدم الأمر على النهي.
فإذا نظرنا إلى الأدلة في صيام يوم السبت وعدم صيامه نجد أن ظاهر التعارض بين النهي والإباحة وليس الأمر؛ فكيف يقدم الإباحة على النهي؟!!
فيقدم هنا النهي الصريح على الأحاديث التي تدل على الإباحة.
وقد ذكر الشوكاني هذه القاعدة في كتابه " إرشاد الفحول " حيث قال:
النوع الثامن عشر: أنه يقدم النهي على الأمر. أ ـ هـ (1)
وقد استعملها الشنقيطي رحمه الله في " أضواء البيان " في مسألة قتل الحر بالعبد في القصاص بقوله: أنه معارض بالأدلة التي تمسك بها الجمهور في عدم قتل الحر بالعبد وستأتي إن شاء الله مفصلة، وهي تدل على النهي عن قتل الحر بالعبد والنهي مقدم على الأمر كما تقرر في الأصول. أ ـ هـ (2)
وقد رجح ذلك الآمدي وغيره لأن هذه القاعدة يستدعي دفع مفسدة النهي (3)
4 ـ إذا تعارض قولان بين الكراهة والتحريم فيرجح القول بالتحريم
__________
(1) إرشاد الفحول (2/ 390)
(2) أضواء البيان (2/ 74)
(3) أنظر البحر المحيط للزركشي (6/ 172)


--------------------------------------------------------------------------------

قال الحافظ بن حجر في كلامه عن حديث النهي عن الشرب من في السقاء:
وقال الشيخ محمد بن أبي جمرة ـ ما ملخصه ـ:
اختلف في علة النهي، فقيل يخشى أن يكون في الوعاء حيوان، أو ينصب بقوة فيشرق به، أو يقطع العروق الضعيفة التي بإزاء القلب فربما كان سبب الهلاك، أو بما يتعلق بفم السقاء من بخار النفس، أو بما يخالط الماء من ريق الشارب فيتقذره غيره، أو لأن الوعاء يفسد بذلك في العادة فيكون من إضاعة المال.
قال: والذي يقتضيه الفقه أنه لا يبعد أن يكون النهي لمجموع هذه الأمور وفيها ما يقتضي الكراهة وفيها ما يقتضي التحريم والقاعدة في مثل ذلك ترجيح القول بالتحريم وقد جزم بن حزم بالتحريم لثبوت النهي. أ ـ هـ (1)
5 ـ إذا تعارض الحاظر والمبيح قدم الحاظر
وذلك أن فعل الإباحة وتركها سواء لا يتعلق به ذم ولا مدح، أما الوقوع في الحظر يعرض المسلم للذم واستحقاق العقاب.
وهذه القاعدة العظيمة هي الأساس في كثير من الأحكام الفقهية والترجيح بين الأدلة.
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
__________
(1) 3) فتح الباري بشرح صحيح البخاري (10/ 91)


--------------------------------------------------------------------------------

لو قدر تعارض دليلي الحظر والإباحة لكان العمل بدليل الحظر أولى لثلاثة أوجه:
أحدها: تأيَّده بالأصل الحاظر
الثاني: أنه أحوط
الثالث: أن الدليلين إذا تعارضا تساقطا ورجع إلى أصل التحريم. أ ـ هـ (1)
وهنا أن حديث " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ... " يقتضي التحريم وهو حاظر، والأحاديث الأخرى التي يفهم منها جواز صيام يوم السبت لا تعدوا كونها مبيحة. فصار تقديم الحظر على الإباحة هنا خشية الوقوع في النهي.
قال العلامة شهاب الدين القرافي ـ رحمه الله ـ:
يحتاط الشرع في الخروج من الحرمة إلى الإباحة أكثر من الخروج من الإباحة إلى الحرمة؛ لأن التحريم يعتمد المفاسد فيتعين الاحتياط له، فلا يقدم محلٍّ فيه مفسدة إلا بسبب قوي يدل على زوال تلك المفسدة، أو يعارضها ويمنع الإباحة ما فيه مفسدة بأيسر الأسباب دفعًا للمفسدة بحسب الإمكان. أ ـ هـ (2)
وقال الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ:
__________
(1) أحكام أهل الذمة (1/ 529)
(2) أنظر الفروق للقرافي (3/ 154)


--------------------------------------------------------------------------------

إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضي التحريم والآخر الإباحة قدم التحريم في الأصح.
ومن ثم قال عثمان ـ رضي الله عنه ـ لما سئل عن الجمع بين أختين بملك اليمين: أحلتهما آية وحرمتهما آية والتحريم أحب إلينا. أ ـ هـ (1)
وفي هذا الباب كثير من الأدلة المتعارضة في ذلك نورد بعضها كشواهد، لأن القائلين بجواز صيام يوم السبت يقولون بحرمة ما سنذكره:
المثال الأول: صيام المرأة بدون إذن زوجها:
روى البخاري (5195) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ... الحديث)
فلو أن امرأة أرادت أن تصوم يوم عرفة أو عاشوراء من غير إذن زوجها فهل يصح ذلك منها ولا يحرم؟
__________
(1) 2) الأشباه والنظائر ص142. والمقصود بالآية التي أباحة ذلك قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (النساء: من الآية24) والآية التي حرمت ذلك قوله تعالى: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَف) (النساء: من الآية23)


--------------------------------------------------------------------------------

والجواب: لا يجوز لها الصوم ويحرم عليها ذلك؛ لأنه تعارضت السنة مع النهي الشرعي فقدم النهي على السنة. وهذا بديهي لكل عاقل.
المثال الثاني: سفر المرأة بدون محرم ولو أرادت الحج:
روى البخاري (1088) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَم)
فهنا قد تعارض النهي مع فعل واجب، فأكثر أهل العلم يحرم على المرأة أن تسافر من غير محرم حتى ولو كان لأداء الفريضة.
واكثر من ذلك أن هناك حديث يدل على إباحة سفر المرأة من غير محرم.
روى البخاري (3595) َ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ.
فَقَالَ: يَا عَدِيُّ! هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟
قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا
قَالَ: فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لا تَخَافُ أَحَدًا إِلا اللَّهَ قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلادَ ...... ـ إلى أن قال َـ:


--------------------------------------------------------------------------------

قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لا تَخَافُ إِلا اللَّهَ .... الحديث)
وقد استدل به البعض على جواز سفر المرأة للحج بدون محرم.
المثال الثالث: النهي عن الصيام بعد منتصف شعبان لمن ليست له عادة:
روى أبو داود (2337) والترمذي (738) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا) وصححه الألباني.
فنقول لو أراد رجل أن يصوم يوم الاثنين والخميس بعد النصف ولم يكن معتادًا على ذلك هل يجوز له ذلك أم يحرم؟
والجواب من الجميع أنه يحرم؛ لأنه تعارض النهي مع الإباحة فقدم النهي على الإباحة هنا. وكذلك صوم يوم السبت يحرم لأن النهي تعارض مع الإباحة.
المثال الرابع: صيام يوم الشك
وله حالتان:
الحالة الأولى: أن الذي يتقدم رمضان بيوم يأخذ بالأحوط وخاصة إذا غم عليه لئلا يضيع منه يوم فرض صيامه
والحالة الثانية: إذا صادف يوم الاثنين أو يوم الخميس ومن السنة صيامهما؛ لكن لم يكن معتادًا ذلك.


--------------------------------------------------------------------------------

فنرى أن في كلا الحالتين قدم النهي على الفرض والسنة؛ وذلك للدليل الذي ورد في النهي.
روى البخاري (1906) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: (لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلالَ وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)
وروى أيضًا (1914) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ.)
فجواز صوم يوم الشك لمن كانت له عادة جاء بالدليل المتثني، فإذا لم يكن ثم دليل فإن النهي على عمومه.
المثال الخامس: صوم العيدين
ومن المعلوم أن صوم يومي العيد ـ الفطر والأضحى ـ يحرم باتفاق، وذلك لدليل التحريم الذي ورد حتى ولو صادف يوم الخميس أو الاثنين. لأن النهي مقدم على الإباحة.
عن أَبُي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الأَضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَأَمَّا الآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ مِنْ نُسُكِكُمْ)


--------------------------------------------------------------------------------

المثال السادس: صيام أيام التشريق
قد ورد النهي عن صيامها وهي تتعارض مع من يصحح حديث صيام الأيام القمرية؛ إذا سوف يكون يوم الثالث عشرة من أيام التشريق، فهل تصام حتى ولو كان معتادًا ذلك؟
والجواب: لا؛ لأنه تعارض الحاظر مع المبيح فقدم الحاظر على المبيح.
المثال السابع: صلاة النافلة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها منهي عنها برغم من أنها مستحبة
روى مسلم (488) عن مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ قَالَ: لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ ـ أَوْ قَالَ قُلْتُ بِأَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ ـ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ.
فَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً)
وروى أيضًا (825) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.)


--------------------------------------------------------------------------------

فهاهنا قدم النهي على الإباحة للتعارض ولم يقدم الإباحة على النهي لتحصيل المصلحة من فعل السجود
والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا وفي كلها أكثر من يقول بجواز صوم السبت يقول بالتحريم فيها، فلو أن كل عالم سار على منهج واحد وقواعد منضبطة لما وجدت التعارض في أقوال العالم الواحد.
المثال الثامن: روى البخاري (5473) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا فَرَعَ وَلا عَتِيرَةَ، وَالْفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ وَالْعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ)
وروى أحمد (20203) عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ: قَالَ: اذْبَحُوا فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ وَبَرُّوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَطْعِمُوا.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا كُنَّا نُفَرِّعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟
قَالَ: فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فَرَعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتُكَ فَإِذَا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْتَهُ وَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ ـ قَالَ: أَحْسَبُهُ ـ قَالَ: عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ) (1)
وروى النسائي بسند حسنه الألباني (4225) عن عَمْرَو بْنَ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْفَرَعَ؟
__________
(1) صحيح وأخرجه النسائي (4229)


--------------------------------------------------------------------------------

قَالَ: حَقٌّ فَإِنْ تَرَكْتَهُ حَتَّى يَكُونَ بَكْرًا فَتَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ تُعْطِيَهُ أَرْمَلَةً خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحَهُ فَيَلْصَقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ فَتُكْفِئَ إِنَاءَكَ وَتُولِهُ نَاقَتَكَ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْعَتِيرَةُ؟
قَالَ: الْعَتِيرَةُ حَقٌّ.)
فهنا حديثان: أحدهما ينهي في صيغة النفي، والآخر يثبت الفرع والعتيرة، فيقدم النهي هنا على الإباحة، وإلا فالكثير ممن يجوزون صيام السبت ويعللون يحرمون الذبح في أول رجب فلماذا لم يفعلوا ذلك في صيام السبت في غير فريضة ‍‍‍؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
6 ـ إذا تعارض دليلان أحدهما ناقل عن حكم الأصل والآخر مبقي عليه فيقدم الناقل عن الأصل على المبقي.
وهذه القاعدة مشابهة للقاعدة السابقة أو فرع منها
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
إذا تعارض نصان أحدهما ناقل عن الأصل والآخر ناف مبق لحكم الأصل كان الناقل أولى؛ لأنه إذا قدم الناقل لم يلزم تعيين الحكم إلا مرة واحدة، وإذا قدم المبقى تغير الحكم مرتين. أ ـ هـ (1)
وعلى هذا نقول أن صيام كل الأيام على الإباحة الأصلية، فيكون صوم يومي العيدين ناقل عن الأصل فيقدم هو على الأصل، وكذلك
__________
(1) مجموع الفتاوى (20/ 377)


--------------------------------------------------------------------------------

أيام التشريق، وصوم يوم الشك، ويضاف إلى ذلك صيام يوم السبت؛ لأن النهي فيه ناقل عن الأصل والأحاديث التي يفهم منها جواز صيامه مبقية على حكم الأصل فيقدم النهي على الإباحة.
وقال ابن القيم في الكلام على أحاديث حكم صيام الحاجم والمحجوم المتعارضة:
لو قدر تعارضها فالأخذ بأحاديث الفطر متعين لأنها ناقلة عن الأصل وأحاديث الإباحة موافقة لما كان الأمر عليه قبل جعلها مفطرة والناقل مقدم على المبقي. أ ـ هـ (1)
ومن الملاحظ هنا أن ابن القيم قدم حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " على حديث صريح في نسخ هذا الحكم وهو "رخص النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة والحجامة للصائم "
ومن المعلوم أن الترخيص لا يأتي إلا بعد حظر، فلكي يحكم بالحظر مرة أخرى فلابد من دليل آخر، ولا دليل، وبرغم ذلك قدم ابن القيم الحديث الناقل عن حكم الأصل ليس على المبقي عليه؛ وإنما على الدليل الذي رجع حكم الأصل إلى ما كان عليه قبل النهي
7 ـ في قوله صلى الله عليه وسلم " إلا فيما افترض عليكم" استثناء من عموم الصوم، والاستثناء دليل التناول ـ كما صرح ابن القيم وغيره ـ حيث قال رحمه الله:
__________
(1) حاشية السنن (6/ 367) وانظر (زاد المعاد 5/ 143) لابن القيم أيضًا


--------------------------------------------------------------------------------

وهذه طريقة جيدة , لو لا أن قوله في الحديث " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم " دليل على المنع من صومه في غير الفرد مفردا أو مضافا , لأن الاستثناء دليل التناول , وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه , إلا صورة الفرض ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد , لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده , كما قال في الجمعة. فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها. أ ـ هـ (1)
فيشمل كل صورة من صور الصوم سواء كان الصوم مفردًا أو مضافًا إليه غيره، ومن قال بخروج صورة الإضافة فلابد من دليل شرعي خاص في المسألة كما جاء في صوم الجمعة، ويوم الشك، ولا دليل فيكون الحكم بالتحريم هو الراجح.
ونقول: أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم صوم يوم السبت إلا في فريضة؛ فهل إذا انضم إليه يوم آخر انتقل من الاستحباب أو الجواز إلى الفرض؟!!
هذا لا يستطيع أن يقول به عالم؛ لأن هذا الكلام لم يثبت عن أحد
وهل لو كان يوم عرفة أو عاشوراء ـ وهما متسحب صيامهما ـ صار واجبًا؟!!
__________
(1) حاشية السنن (7/ 50) وانظر فيض القدير للمناوي (6/ 409)


--------------------------------------------------------------------------------

والجواب: أنه لا أحد يستطيع أن يقول ذلك.
وعلى هذا نقول لمن يجوز صيام السبت: إما أنك تعمل بحديث " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم " فيلزمك ما ذكرناه آنفا، وإما أنك لا تعمل بالحديث مطلقًا؛ وإنما هو التحايل على الشرع. فقل كما قال غير واحد من العلماء: أنه مكذوب أو منسوخ أو شاذ، وعندها يكون البحث في موضوع آخر، أما فقه الحديث ـ منطوقه ومفهومه ـ يخالف الحكم بالجواز إذا وافق عادة أو فضيلة.
ونقول أيضًا لمن يقول إذا انضم إليه يوم آخر لم يكره: ماذا تفعل في حديث صيام داود؛ فلابد وأن يأتي السبت مفردًا؟
فإذا كان الجواب لا نعمل به فقد رددته، وإن قلت يصام مفردًا؛ لم يبق لحديث النهي عن صوم السبت ذكر عند هؤلاء.
والخلاصة: أن كل من يقول بجواز صوم السبت بهذه الصور السابقة لم يعمل بحديث النهي عن صوم السبت وإن كان يعتقد صحته.
8 ـ لو جاء يوم السبت موافق يوم عرفة أو عاشوراء وتركه الإنسان امتثالا للنهي ورغبة في صوم هذا اليوم فله الأجر مرتين.
الأولى: أن ترك النهي يثاب صاحبه امتثالا، فتحقق الثواب في الترك.


--------------------------------------------------------------------------------

الثانية: أن نيته في صوم عرفة أو عاشوراء رغبة في الأجر ولكن امتنع امتثالا للشرع وقام العذر بتركه، فله الأجر إن شاء الله على نيته. لأنه من ترك شيئًا لله عوضه الله بخير منه.
روى الحارث ابن أبي أسامة في مسنده (1101) بسند صحيح عن حميد بن هلال قال: ثنا أبو قتادة وأبو الدهماء قالا ـ وكانا يكثران السفر نحو البيتـ قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فجعل يعلمني مما عمله الله فكان مما حفظت أن قال: (لا تدع شيئا اتقاء لله إلا أبدلك الله خيرًا منه) (1) وصححه الألباني
9 ـ حجة باطلة وهي قول البعض:
إن النهي عن صوم يوم السبت يكون إذا قصد بصومه يوم السبت خاصة أو تعظيمًا.
ونقول: إن فتح مثل هذا الباب من التعليلات الفاسدة التي لم ينص عليها شرع تعود على كثير من أدلة الشرع بالإبطال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أعلم بحال الأمة وما تقع فيه بإعلام الله له، ولا يجوز في حق النبي صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولا حاجة إلى مثل هذا القصد أو التعظيم؛ لأنه لم يقع
__________
(1) وأخرجه الشهاب القضاعي في مسند الشهاب (1135) والبيهقي في " شعب الإيمان " (5748)


--------------------------------------------------------------------------------

في الأمة أن رجالا قصدوا صيام يوم السبت أو عظموه، مثل ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن النهي عن اتخاذ القبور مساجد، فقد وقعت الأمة مثل ما وقعت فيه اليهود والنصارى.
ومثل هذا الحديث أحاديث منها:
1 ـ روى البخاري (436) عن عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالا: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا)
فهل نقول في مثل هذا الحديث من قصد الصلاة عند هذه القبور فقد وقع في الحرمة؟!! أو نقول من قصد الصلاة في هذه المساجد التي بنيت على القبور تعظيمًا لأصحابها فقد وقع في الحرمة ومن لا يقصد ذلك جازت الصلاة وصحت؟!!
فهذا تعليل لا يصح لأنه إهدار للنهي، وإبطال للعمل بالحديث.
2 ـ وروى البخاري أيضًا (3873) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِيكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)


--------------------------------------------------------------------------------

فهل نقول: يجوز التصوير وصناعة التماثيل إذا لم يقصد الفاعل تعظيمًا لها كما فعلت النصارى؟!! ومن المعلوم أن العلة في السابق هي التعظيم أما الآن فإن الكثير يتخذها مهنة يتقوت منها فهل يكون ذلك داع إلى جواز التصوير؟
والأمثلة على ذلك كثيرة
10 ـ من يستدل بحديث أم سلمة رضي الله عنها في صيام النبي صلى الله عليه وسلم للسبت والأحد، وحديث عائشة رضي الله عنها غي صيامه صلى الله عليه وسلم للسبت والأحد من كل شهر، على جواز صوم السبت.
والجواب على ذلك من وجوه:
الأول: قد ثبت ضعف الحديثان فلا حجة لمن يحتج بهما.
الوجه الثاني: لو صح الحديثان لكان ذلك دليلاً على استحباب صيام يوم السبت خاصة، وليس على الكراهة كما يذكر الكثير، أو على الكراهة مفردًا، وهم لا يقولون بذلك ولا يعملون بمقتضى الحديثين.
الوجه الثالث: أيضًا لو صح الحديثان فنقول أنه تعارض الحاظر والمبيح فيقدم الحاظر على المبيح دفعًا لمفسدة النهي.
الوجه الرابع: أن الحديثين من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ـ لو صحا ـ وعند تعارض القول والفعل يقدم القول على الفعل،


--------------------------------------------------------------------------------

ويعتبر الفعل خاصًا به صلى الله عليه وسلم، والقول للأمة كما هو مقرر في الأصول:
قال المباركفوري ـ رحمه الله ـ:
أنه ـ إذا ـ تعارض القول والفعل والصحيح حينئذ عند الأصوليين ترجيح القول؛ لأنه يتعدى إلى الغير والفعل قد يكون مقصورا عليه. أ ـ هـ (1)
وقال الإمام الصنعاني ـ رحمه الله ـ في شرح حديث النهي عن الصوم إذا انتصف شعبان:
والحديث دليل على النهي عن الصوم في شعبان بعد انتصافه؛ ولكنه مقيد بحديث " إلا أن يوافق صوما معتادا " كما تقدم.
واختلف العلماء في ذلك:
فذهب كثير من الشافعية إلى التحريم لهذا النهي، وقيل إنه يكره إلا قبل رمضان بيوم أو يومين فإنه محرم، وقيل لا يكره، وقيل إنه مندوب وأن الحديث مؤول بمن يضعفه الصوم.
وكأنهم استدلوا بحديث أنه صلى الله عليه وسلم " كان يصل شعبان برمضان " ولا يخفى أنه إذا تعارض القول والفعل كان القول مقدما. أ ـ هـ (2)
__________
(1) تحفة الأحوذي (3/ 494)
(2) سبل السلام في شرح بلوغ المرام للصنعاني (2/ 171) وانظر (1/ 112)


--------------------------------------------------------------------------------

فها هنا الصنعاني قدم النهي عن الصيام على الإباحة وهي من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
11 ـ قوله صلى الله عليه وسلم (، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلا عُودَ عِنَبٍ أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَلْيَمُصَّهُ).
هذا القول من المعصوم صلى الله عليه وسلم تشديدًا في النهي عن الصوم في ذلك اليوم بما لم يشدد فيه على صيام العيدين ولا الأيام الأخر التي نهى عن صيامها وإنما اختص يوم السبت بذلك تعظيمًا للنهي، وقد بالغ صلى الله عليه وسلم في التشديد إلى درج أن الإنسان لو لم يجد شيئًا يفطر عليه هذا اليوم إلا قشر الشجر أو عود العنب يلوكه في فمه إظهارًا للطاعة ونفيًا للعذر حتى ولو احتج بعدم وجود الماء، برغم أن هذا لا يحدث إلا إذا ضل الإنسان طريقه في صحراء جرداء لا عشب فيها ولا ماء. وهذا الحديث أيضًا رد على من يقول بالكراهة فقط دون التحريم، وقد أجمعت الأمة على الفطر في عيدي الفطر والأضحى وتحريم صومهما برغم من أن النهي الوارد في يوم السبت أقوى فهل من معتبر؟!
12 ـ البعض يستدل بالقاعدة " الجمع بين الحديثين المتعارضين أولى من الترجيح بينهما " فإعمال الحديث خير من إهماله.
وعلى هذا قالوا بكراهة صوم يوم السبت مفردًا أو إذا قصد به يوم السبت، وجواز صومه في غير ذلك.


--------------------------------------------------------------------------------

ونقول: هذا مخالف لما ذكروه من وجوه:
الأول: أن مسألة القصد وعدمه بهذه الطريقة قد رددنا عليها بما يكفي، وأنها تبطل العمل بكثير من أحاديث النهي، ولم يأتي ذلك في الشرع
الثاني: أن من فعل ذلك لم يعمل بالنهي الوارد في صوم يوم السبت؛ إلا في صورتين فقط، وكأنه خصص النهي العام بهاتين الصورتين؛ ولا مخصص
الثالث: أنهم وقعوا في نفس الإشكال في تعارض صيام يوم الاثنين والخميس إذا وافق يوم عيد، فلم يعملوا بهذه القاعدة التي ذكروها
الرابع: أننا حينما أخذنا بالنهي عن صوم يوم السبت لم نهمل حديث صوم الجمعة؛ لأنه إذا صام الخميس جاز له صوم الجمعة، فلم يكن التعارض إلا في صوم يوم عرفة أو عاشوراء إذا جاء يوم سبت، وهنا ترك ما نهى عنه الشارع أولى من فعل ما أمر به لما جاء في صحيح البخاري (7289) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)
ففعل المأمور منوط بالاستطاعة، والنهي ليس كذلك فالواجب تركه



















خامسًا: بحث نفيس للشيخ الألباني (1)

السؤال مقدم من الشيخ أبي إسحاق الحويني ـ حفظه الله ـ
قال حفظه الله:
بالنسبة لمسألة صيام يوم السبت، هذه المسألة تكاد تكون جديدة على الأفهام، فاعترضها بعض المنتسبين للعلم في مصر، فحدث نوع من البلبلة، فنرجو الإفاضة في هذه المسألة والإجابة عن الشبهات التي تعترض هذا الحكم، لا سيما أحيانًا قد يوافق يوم عرفة أو قد يوافق يوم عاشوراء.
فأجاب رحمه الله:
__________
(1) أصل هذا البحث هو سؤال تقدم به الشيخ أبو إسحاق الحويني للشيخ الألباني، وقد قمت بتفريغ الشريط ولم أزد فيه شيئًا إلا ما دعت إليه الحاجة مع التنبيه


--------------------------------------------------------------------------------

في الحقيقة إن هذه المسألة لكثرة ما سؤلت عنها وأجبت عنها، تارة بالتفصيل دون مناقشةٍ أو مجادلة، وتارة مع التفصيل ومع تلقي الاعتراضات والأسئلة ٍ.
ومن هذا النوع ما كان في هذه السفرة الأخيرة في المدينة المنورة، وقد كان في ذلك المجلس بعض أفاضل أهل العلم من الدكاترة وغيرهم من المدرسين في الجامعة الإسلامية، فلا أدري إذا كان من المفيد أن نخوض مرة أخرى في مثل هذه المسألة، وإن كانت النفس لا تنشط عادة لتكرار ما مضى فيه البحث مرارًا وتكرارًا، .... (1)
القضية في الواقع كما أشرت إليها في مطلع كلامك أنها مفاجأة بالنسبة لعامة الناس، وبخاصة الذين لا يشغلون أنفسهم بدراسة السنة؛ وإنما قد يراجعوا من كتب السنة ما يوافقون فيها مذهبهم وعادتهم وتقاليدهم.
وهذا الحديث كان في الحقيقة مع أنه قد ورد في بطون كتب السنة التي حفظها الله تبارك وتعالى لنا من باب حفظه للقرآن الكريم، كما قال عزوجل: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9).
لقد كان هذا الحديث محفوظًا في كتب السنة، ولكن لما كانت دراسة السنة كادت أن تصبح شيئًا منسيًا في آخر الزمان هذا، ولذلك فإذا ما أثير مثل هذا الحديث المحفوظ في بطون الكتب جاء غريبًا على
__________
(1) كلام لا علاقة له بالموضوع ومن المناسب حذفه


--------------------------------------------------------------------------------

أذهان الناس وبخاصة إذا كان مخالفًا لما جاء في بعض كتب المذاهب، وما كان مخالفًا لما اعتادوا عليه من العبادات سواء ما كان منها من السنن أو المستحبات، ويعود عهدي بالانتباه لهذا الحديث حينما كنت شرعت في تخريج كتاب " منار السبيل " الكتاب المعروف لدى طلاب العلم اليوم " إرواء الغليل بتخريج أحاديث منار السبيل " وهو في الفقه الحنبلي، ووجدت نفسي مضطرًا للعناية بتخريجه تخريجًا علميًا كما هو ديدني بالنسبة للأحاديث التي كتبناها تصحيحًا أو تضعيفًا، ووجدت هذا الحديث من الناحية الحديثية لا مناص للباحث من تصحيحه لأن له طرقًا كثيرة وبعضها صحيح لا إشكال و لا ريب فيه، وذلك كله مشروح في الكتاب المشار إليه " إرواء الغليل " وبعد أن اطمأننت لصحة الحديث كان لابد لي من التوجه لدراسة الحديث من الناحية الفقهية، ووجدت الحديث صريح الدلالة لا يقبل نقاشًا ولا جدلاً في أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى فيه عن صيام يوم السبت إلا في الفرض، وقال عليه الصلاة والسلام ـ نذكر هذا الحديث تذكيرًا للحاضرين أو تنبيهًا للغافلين ـ فقل عليه الصلاة والسلام: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر فليمضغه، ولو لم يجد أحكم إلا لحاء شجر فليمضغه.


--------------------------------------------------------------------------------

لم يقتصر هذا الحديث على الأمر بالإفطار يوم السبت إلا في الفرض بل أضاف إلى ذلك تأكيدًا بالغًا بقوله صلى الله عليه وسلم: ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر، ولحاء الشجر هو القشر الذي ليس من عادة الناس أن يستفيدوا منه إلا حطب للنار، فبالغ الرسول عليه الصلاة والسلام في الأمر بالإفطار يوم السبت فقال: ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر فليمضغه.
فتأملت في هذا الحديث وجدته نصًا صريحًا في أنه لا يجوز صيام يوم السبت إلا في الفرض، وكلمة الفرض هنا لا تقتصر كما توهم بعض الدكاترة عن الصوم في رمضان فقط؛ بل هو أعم من ذلك لأن من الفرض قضاء مما عليه من رمضان، ومن الفرض مثلاً صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي بالنسبة للمتمتع، وهكذا الفرض من كان نذر عليه صيامًا معينًا فعليه أن يلتزم ذلك لأنه بالنذر صار فرضًا وهكذا.
والشاهد: أن هذه نقطة وقفنا عندها؛ لأننا وجدنا بعضهم يتوهم أن هذا الاستثناء ينحصر في رمضان فقط، والأمر أوسع من ذلك؛ ولكنها مع هذه التوسعة فيما يتعلق بما كان فرضًا، فهذا الاستثناء ينفي بكل صراحة ما لم يكن فرضًا.


--------------------------------------------------------------------------------

وعلى ذلك تأتي الإشكالات التي أشار إليها آنفًا، فإذا اتفق صوم يوم عرفة يوم السبت فماذا يفعل المستن والمتتبع لهذا الحديث الصحيح بعد أن يفهم معناه؟
نحن نقول كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: إلا فيما افترض عليكم.
فصيام يوم عرفة مع الفضيلة في السنة فهو ليس فرضًا، كذلك إذا اتفق مثلاً يوم عاشوراء كان يوم السبت؟
فالجواب هو الجواب.
وقد قربنا هذه المسألة لبعض المتوقفين عن العمل بهذا الحديث الصحيح الصريح، قربنا لهم ذلك بمسألتين اثنتين:
الأولى: تتعلق بقوله عليه الصلاة والسلام: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه. (1)
وقلت بكل صراحة: إن الذي يفطر مثلاً يوم عاشوراء، أو يوم عرفه لموافقته ليوم السبت؛ لا يتركه كسلاً ولا هملاً ولا رغبة عن الفضل الوارد في صيام يوم عاشوراء وفي صيام يوم عرفة؛ وإنما ذلك لله. وإذا كان الأمر كذلك: الذي يفطر يوم عرفة لموافقته ليوم السبت يكون أجره عند الله عزوجل فيما نحسب أكثر من الذي يصومه؛ لأن الذي أفطره أفطره وتركه ـ ترك صيامه ـ لأمر
__________
(1) صحيح بلفظ تقدم ذكره


--------------------------------------------------------------------------------

النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي نهيه عن صوم يوم السبت إلا فيما افترض علينا.
أما الذي صامه فقد صام رغبة في الأجر المنصوص عليه في الحديث.
ولكن هنا لابد لنا من لفتة نظر إلى مسألة فقهية هامة ـ أصولية هامة ـ، ثم يأتي الأمر الثاني الذي أشرت إليه آنفًا:
إذا تعارض حكمان، أو حديثان من الأحاديث الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم: أحدهما يبيح شيئًا، والآخر ينهى عنه أو يحظر عنه أو يحرمه، فهنا من قواعد التوفيق في علم أصول الحديث أنه يقدم الحاظر على المبيح.
فالآن في الصورة السابقة: صوم يوم عاشوراء أو صوم يوم عرفة وقد اتفقا يوم السبت، وقد نُهينا عن صيام يوم السبت كما ذكرنا، حينئذ لابد من تطبيق القاعدة التي ذكرتها آنفًا: تقديم الحاظر على المبيح.
يقول: لا تصوموا يوم السبت إلا في الفرض.
ويوم عاشوراء ويوم عرفة ليس فرضًا؛ هو مباح؛ بل هو مستحب؛ لكن إذا تعارض الحاظر مع المبيح قدم الحاظر على المبيح.
قربنا لهم بالحديث الذي ألمحت إليه أولاً وهو الشيء الثاني.
الحديث الأول: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.


--------------------------------------------------------------------------------

الشيء الآخر: وهو خير منه ولعله يزيل الإشكال والاضطراب من بعض الأذهان:
إذا اتفق يوم الاثنين ويوم الخميس يوم عيد، وكلنا يعلم ـ شاء الله ـ إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم العيد ـ عيد الفطر أو عيد الأضحى ـ فهنا يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما كما جاء ذلك في صحيح البخاري وغيره.
فإذا اتفق أن يوم الفطر أو يوم الأضحى يوم اثنين أو يوم الخميس، أيهما يقدم على الآخر؟
لقد كان الجواب بإجماع الحاضرين من المشايخ والدكاترة: أنه يقدم النهي ها هنا على فضيلة صيام يوم الاثنين وصيام يوم الخميس.
فسألناهم: تحت أي قاعدة يدخل جوابكم هذا؟ وهو صحيح حينما قدمتم النهي عن صوم يوم العيد على فضيلة صوم يوم الاثنين ويوم الخميس، أليس أنكم قدمتم الحاظر على المبيح؟
لقد أقروا على ذلك.
فقلنا لهم: ما الفرق حينذاك بين أن يتفق يوم سبت مع يوم عرفة أو يوم عاشوراء! لا فرق بين هذه الصورة وبين الصورة التي اتفقنا جميعًا على تغليب الحاظر على المبيح.


--------------------------------------------------------------------------------

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم ي العيد. وحض على صوم يوم الاثنين والخميس، فاتفق صيام يوم العيد يوم خميس أو يوم اثنين ماذا فعلنا هنا؟
كما قلت آنفًا: قدمنا الحاظر على المبيح، وشئ آخر ربما لم أذكره في ذلك المجلس وألهمني الله عزوجل أن أذكره الآن وهو:
أن صوم يوم الاثنين والخميس أمر عام؛ أي كلما تردد يوم الاثنين بتردد الأسبوع، وكذلك يوم الخميس، استحب للمسلم أن يصومهما، فكأن هذا هو نص عام أن يصوم المسلم كل يوم خميس كما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكل يوم اثنين فإذا جاء النهي فذلك من باب استثناء للقليل من الكثير، وهذا من جملة الطرق التي يوفق العلماء بها بين الأحاديث التي يظهر التعارض بينها أحيانًا، أحيانا، فإذاً تعارض هذا الأصل مع نهي عارض هنا يعرض يوم السبت.
وهناك يعرض يوم العيد فقدمنا العارض على الأصل جميعًا من النصوص.
لهذا أنا أقول: بأنه لا إشكال إطلاقًا في إعمال هذا الحديث على عمومه وهو قول قد قال به بعض من مضى من أهل العلم كما حكى ذلك أبو جعفر الطحاوي في كتابه "شرح معاني الآثار". فلا ينبغي للمسلم بعد مثل هذا البيان أن يتردد أو أن لا يبادر إلى الانتهاء عما نهى الله عنه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ركونًا منه إلى


--------------------------------------------------------------------------------

القاعدة العامة وإلى الفضيلة الخاصة التي جاءت في بعض الأيام؛ إذًا مقدم أولاً؛ لأنه خاص، والخاص يقضي على العام، ولأنه حاظر، والحاظر مقدم على المبيح.
وقبل ذلك كما ذكرنا لكم في مطلع هذا الجواب: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
لذلك لم يطمئن القلب ولم ينشرح الصدر للذين تأولوا حديث النهي عن صيام يوم السبت؛ لأنه مقصود منفردًا فإذا انضم إليه يوم آخر جاز لسببين اثنين:
أحدهما: يمكن أن نستشفه وأن نكتشفه من الكلام السابق، وهو أن الحاظر مقدم على المبيح.
والشيء الثاني: أن هذا التقييد معناه الاستدراك، أو لنقل بما هو ألطف من ذلك: معناه أنه شبه استدراك على استثناء الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدون حجة قوية ملهمة: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإلا مقرونًا بغيره.
هذا اعتبره شبه استدراك على من؟ على أفصح من نطق بالضاد وهو ورسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وإن كان حديث " أنا أفصح من نطق بالضاد " من حيث الرواية لا أصل له. لكن من حيث الواقع فهو بلا شك عليه السلام أفصح من نطق بالضاد.


--------------------------------------------------------------------------------

وإذا كان الأمر كذلك: فالاستدراك عليه بمثل هذا الاستثناء الثاني: تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإلا مقرونًا بغيره.
أليس يكون أفصح من أن يقتصر عليه الصلاة والسلام على قوله: إلا فيما افترض عليكم.
الذين ذهبوا إلى هذا التقدير الثاني، الذي أستهجن نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو في المعنى، وليس في اللفظ؛ إنما احتجوا بحديث جويرية لما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي صائمة يوم الجمعة: قال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا
قال لها: أصمت أمس؟
قالت: لا
قال: فافطري
وكذلك حديث مسلم: لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام ولا نهارها بصيام؛ ولكن صوموا يومٍا قبله أو يومًا بعده.
والجواب على هذا أظن أيضًا سبق أن تقدم فيما تقدم من الكلام.
إن هذا الحديث يبيح صيام يوم السبت إذا ما صام الإنسان يوم الجمعة.
فهنا يعترضنا صورتان تتعلقان بصيام يوم السبت، إما أن يكون قد صام يوم الجمعة؛ فحينئذ تنفيذًا لهذا الأمر لابد أن يصوم يوم السبت


--------------------------------------------------------------------------------

والصورة الأخرى: يوم السبت ومعه الأحد، وليس الجمعة، هذه الصورة الثانية لا دليل عليها إطلاقًا ـ صيام يوم السبت وصيام يوم الأحد ـ
أما صيام يوم السبت من أجل الخلاص أو التخلص من صيام يوم الجمعة المنهي صومه مفردًا: فهذا فيه هذا الحديث.
فلو كان لنا أن نقف عند هذا الحديث ولا نطبق القاعدة السابقة ـ ولابد منها ـ وهي أن هذا يبيح لمن يريد أن يصوم الجمعة أن يصوم يوم السبت؛ لكن الحديث الذي نحن بصدد شرحه والكلام عليه؛ قلنا أنه حاظر، والحاظر مقدم على المبيح.
فلو أردنا أن نعمل حديث جويرية وما في معناه إعمالاً خاصًا! حينئذ لا ينبغي أن نضرب بحديث النهي عن صوم يوم السبت مطلقًا؛ وإنما نستثني أيضًا هذه الصورة الخاصة وهو يوم الجمعة مع صيام يوم السبت. هذا إذا لم يمكن تطبيق قاعدة: الحاظر مقدم على المبيح، وذلك ممكن، هذا ما لدي حول هذا السؤال


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7788.forumegypt.net
 
بحث شامل حول صيام يوم السبت الجزء 2 والاخير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث شامل حول صيام يوم السبت
» 60 سؤال فى احكام الحيض للعلامةبن عثيمين الجزء الخامس والاخير
» قصة أصحاب السبت
» نكت محششين الجزء الاول
» حول المولد النبوى الجزء الثانى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى هديل الحمام :: منتدى الكتب وتفريغ المحاضرات-
انتقل الى: